الطائف - خاص بـ«الجزيرة»:
أكّد متخصص في العلوم الشرعية على أن صلاح العشرة الزوجية موكول بتمام الوعي لطبيعتها، والدخول في فلكها بخطى ثابتةٍ من كلا الطرفين، وإن المتأمل في فساد مشروع الحياة الزوجية يجده لا يخرج عن آفةِ فساد الوعي في معرفة أُسُس الحياة الزوجية وحقوق العشرة، خاصة في زماننا المعاصر الذي غلب فيه الجهل بمبادئ الأخلاق الإسلامية، وثوابت الآداب الشرعية، والاكتفاء بمظاهر العلوم، والمستويات التعليمية المعاصرة.
وحذّر الداعية الشيخ بدر بن علي العتيبي النساء من التهاون والتساهل في إفشاء الأسرار بين الزوجين لأحد من الناس، وذلك لخطورتها وتأثيرها على العلاقات الزوجية، وأن من أقبح الأسرار خروجاً ما كان يدور بينكما على الفراش، وقد صحّ عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «إنّ من أعظمِ الأمانة عند الله يوم القيامة: الرجل يُفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرّهابدر العتيبي.
وفي رواية: «إِن من أشَرِّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة: الرجلُ يفضي إِلى امرأته أو تُفضي إِليه، ثم ينشرُ أحدُهما سِرَّ صاحبهبدر العتيبي. أخرجه مسلم وأبو داود.
قال الحافظ النووي - رحمه الله -: ( وَفِي هَذَا الْحَدِيث تَحْرِيم إِفْشَاء الرَّجُل مَا يَجْرِي بَيْنه وَبَيْن اِمْرَأَته مِنْ أُمُور الِاسْتِمْتَاع، وَوَصْف تَفَاصِيل ذَلِكَ وَمَا يَجْرِي مِنْ الْمَرْأَة فِيهِ مِنْ قَوْل أَوْ فِعْل وَنَحْوه.
فَأَمَّا مُجَرَّد ذِكْر الْجِمَاع، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ فَائِدَة وَلَا إِلَيْهِ حَاجَة فَمَكْرُوه لِأَنَّهُ خِلَاف الْمُرُوءَة، وَقَدْ قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ كَانَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتبدر العتيبي.....).
وقدّم الشيخ بدر العتيبي نصحه للنساء في حل المشاكل ومعالجتها في بادئ الأمر، فليس من سبيل العلاقات أن تفزع في أدنى مشكلة بينها وبين زوجها إلى: أمها أو أختها أو صديقتها وتبث بين يديها المشكلة بمنظورها هي - وقطعاً ربما تكلّمت بلسان المظلومة! -، ثم يبدين لها الآراء التي لا تزيد المشكلة إلا تعقيداً وشدة.
فحاولي أن تدربي نفسك يوماً بعد يوم على حل مشاكلك وزوجك بنفسك بعيداً عن آراء الآخرين.
فإن من يدخل عن طريقك كالقاضي الذي لم يسمع من كلا الطرفين، وإنما أخذ دعواك وبها قضى وأوصى وأمر، فهل هذا عدل؟!
مشيراً إلى أنه قد تشتد المشكلة، ويعظم الشق على الراقع، فلا حرج من دخول طرفٍ عاقل وأكثر، كما قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}.
وهنا لي التفاتة يسيرة مع الآية عند قوله تعالى: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا} فلا يفوتك هذا المعنى عند وقوع المشكلة دوماً، وهو: إرادة الإصلاح، فلا يكن همّك هو مجرّد الانتصار عليه وإذلاله، بل ليكن قصدك هو العودة إليه وعودته إليك، وهذا له من المنافع الشيء الكثير، منها: التماس العذر، ومنها التجاوز عن الخطيئة، ومنها التلطف في الكلام، ومنها المبادرة بالعفو، ومنها التنازل عن بعض الحقوق طلباً في الإصلاح، وغير ذلك، كما أن من حقوق العشرة الزوجية: تعظيم الزوج، واستشارته، واستئذانه في عامة شئونك، تطييباً لخاطره، وكسباً لودّه.