فيصل خالد الخديدي
عادة مع كل مستجد في شتى المجالات يتخوف البعض من المستجدات ويهجرها ويعاديها، والبعض الآخر يغامر ويجرب بتهور ودون وعي، وقلة من يجيد التعامل مع المستجدات ويجد فيها فرصة لمواصلة رسالته الإنسانية والفكرية، ومع الانفتاح على وسائل التواصل وهيمنتها على جميع مفاصل الحياة أصبح من الصعب وضع نقطة نظام لبث شعاع من نور سوى الرقابة الداخلية والحس الإنساني النبيل.. ومع ذلك فإن هناك تجارب شابة تعاملت مع التطور التقني والانفتاح الإعلامي بشتى وسائله بوعي وذكاء وطوعته لخدمة موهبتها وانتشار منجزاتها وبث روح العطاء والعمل الجاد فلم تبهرهم التقنية والتطور وتفقدهم توازنها في التعامل معها وتطويعها لخدمة رسالتهم واجتهدوا وأجادوا في محاولات جادة لخلق جدائل من لون ونور تفتح أفقاً أوسع ومساحة أكبر لكل ما هو فن والإفادة والاستفادة من إمكانات وسائط التواصل بنظام وفكر لتثمر جهودهم باقات من مشاريع فن خرجت من فضائها الإليكتروني إلى فضاء من نور وضياء ومنجز على أرض الواقع وضاء, وعلى الرغم من قلة أصحاب هذا الفكر إلا أن منجزهم واضح ومؤثر وقدم جهداً يوازي بعضاً من المؤسسات الثقافية والفنية الحكومية والخاصة، بل ويتجاوز بعضاً منها.
ومن التعاملات التي تظهر عادة مع كل مستجد تقني أو وسيط تواصل إلكتروني في الساحة التشكيلية المحلية وتكون متهورة وغير منضبطة وتشي بشخصية مرتاديها وممارسيها ولا تمثل الساحة التشكيلية المحلية، ولكن تمثل الفنانين أنفسهم وأهدافهم الوقتية البعيدة عن الفن والتي تسعى للإثارة وحب الظهور على حساب كل ما هو فن وسرعان ما تنكشف وتزول مع كل موقف أو وسيط جديد وتسيء لممارسيها عادة أكثر مما تسيء للساحة.
أما الفئة المتحفظة والتي تتخوف عادة مما هو جديد وتتعامل معه بأكثر عقلانية وحذر ولا تنجرف للمجازفة والمشاركة إلا بعد التأكد من فعالية هذا الوسيط وقدرته على خدمة المجال الفني الذي يهتمون به.
وهذا أمر طبيعي تمايز البشر في التعامل مع كل ما هو جديد، ولكن تبقى الإيجابية في التعامل هي الأبرز والمطلب، وهي ما أفرزت للساحة العديد من المواهب التي كانت غائبة ولا تجد نصيبها في الظهور والمشاركة وإبراز ما لديها من فن وإبداع في شتى المجالات التشكيلية والفنية التي تثري الساحة فنياً وثقافياً وتقنياً، فوجدت في وسائل التواصل الحديثة ضالتها ومساحتها التي تستحق من الحضور والنافذة المشرعة بكل فن سواء على المستوى المحلي أو تقديمها بما يليق بها على المستوى العالمي.. إن ذكاء الشباب وحرصهم على التعامل مع كل جديد في وسائل التواصل الاجتماعي والتقني يجعل منهم مؤسسات في أفراد ويختصر عليهم المسافات في تقديم إبداعهم بما يليق بهم متى ما كانت أهدافهم نقية للفن ورسالتهم خالصة للإبداع بإنسانية.