محمد المنيف
واقع الفن التشكيلي السعودي يذكرني بخراش وظبائه، التي احتار في أي منها يصطاد (تكاثرت الظباء على خراش فلا يدري خراش ما يصيد)؛ فما يحدث حاليًا من فوضى في مستويات المعارض، وما يعرض دون تطبيق التعميم الصادر من وزارة الداخلية بأخذ الموافقة على المعارض من الجهات المعنية، منها وزارة الثقافة فيما يختص بالفنون، حفلات أو معارض تشكيلية؛ فأُقيمت معارض دون إجازة، وتم فيها عرض ما يخدش الحياء، وأخرى تمس الوطن، وقف لها الغيورين، وبلَّغوا عنها، لكن الأكثر خطورة المعارض التشكيلية التي تقام خارج المملكة، يلوي من يقيمها ذراع ذلك التعميم، ويأخذ الموافقة من غير مَن كُلّف بها، ويعرض ما لا يقبله الفن السعودي ممثلاً له ولثقافته، تحمل إيحاءات دينية ووطنية، مع ما يسوق له بعض من يقيم مثل تلك المعارض من تصريحات، يغلفها باتهامات، منها أن المجتمع السعودي لا يفقه شيئًا في الفن، ويصف ذلك الشخص نفسه بالذكي حينما يمرر تلك الأعمال أو اللوحات من الجمارك دون أن يعوا ما تحمله من إشارات ومعانٍ وتلميحات من خلال ما يصفه (بالتمويه).
هذا الانفلات لا يزال قائمًا، ولا يزال هؤلاء يتصرفون كما يشاؤون بما يشاؤون.. ومن المؤسف أنهم يجدون من بعض المسؤولين من يؤيدهم، ويزور معارضهم؛ ما يجعلهم يتمادون أكثر نحو الإساءة للدين والوطن.
لقد نادينا وأشرنا وأعلنَّا بكل صراحة عن هؤلاء، فاستطاعوا أن يتحايلوا بالبحث عن مخارج أخرى، وغيّروا أسماء مؤسساتهم الموقوفة، واخترعوا أسماء جديدة من أجل تجاوز المنع والإيقاف.. كل هذا ووزارة الثقافة إلى الآن لم تنشئ إدارة تتحكم في هذا (الفلتان)، أو تضع له نظامًا يحكمه، ويوقف المتجاوزين، أو أن تفعّل دور الجمعية السعودية للفنون التشكيلية التي أقرتها واعترفت بأنها الممثل المختص لهذا الفن، أو على الأقل تطبيق ما تضمنه التعميم الصادر من وزارة الداخلية للحد من هذه التجاوزات.. فعل لا يقل عن تأثير القلم والمقالة أو التغريدة المحرضة.