«لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله» يشهد بها قاتل ويفعل ما يُوجب الخلود في النار!.. قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا} (النساء آية 29 - 30).. فهؤلاء الإرهابيون في عُرف المجتمع الإنساني كافة، الذين يفجّرون أنفسهم بين أنفس معصومة.. وكان آخر خبر عن مثل هؤلاء.. التفجير الذي حدث في تجمع بشري على بوابة دخول لمعسكر تجنيد النجدة في المكلا.. نتج عنه موت ثلاثين، وستون مصاباً.. ما دوافعه.؟ المال؟ لا يغلب على الظن أنه المال. لأنه يعلم أنه لو أُعطي كنوز الأرض لن يستفيد منها بشيء لكونه مقدماً على قتل نفسه وقتل النفس المعصومة «بئس الثمن».. وأما أن انتحاره طلب لنعيم الآخرة كما زُين له.. فقد يكون إبليس أحسن منه حظاً «لأن إبليس اشترى الخلود في النار بطول البقاء في الدنيا»، والانتحاري اشترى عدم الوجود بالدنيا، وعذاب الآخرة بمال لن يستفيد منه بشيء.. (والله الرحمن الرحيم يرحم برحمته من يشاء) إلا أن الله تبارك وتعالى قال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} هؤلاء الانتحاريون يفرشون لأنفسهم مضاجع على جمر جهنم بقتل أنفسهم وبقتل الأنفس البريئة لقوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ}.. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة»، والنفس التي حرم الله هي نفس المسلم ونفس الكافر المعاهد والذمي والمستأمن. قال صلى الله عليه وسلم: «من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة»، وفي الحديث المروي عن أبي سعيد وأبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار) رواه الترمذي.. والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده «والراضي كالفاعل» يتساوى المنفذ والمخطط والمحرض والساعي والمساعد والكاتم لعلم يعرفه عن نية القتل.كل هذا يندرج تحت معنى الاشتراك في سفك الدم المحرم، والكثير ممن انتسبوا للإسلام قد هلكوا، وممن ينتسبون للإسلام، أمثال بشار الأسد وحسن الضاحية الجنوبية في لبنان اذي أفحم نفسه بالهراء يرغي ويزبد من وراء حواجز مضادات الرصاص أسفل الأرض بأقبية محصنة يخطط ويتآمر ويحرض ويسعى ويدفع الأموال في سبيل قتل من لا يوافق هواه، ويحول دون غايته، والمخلوع علي عبد الله صالح، وقرينه الحوثي كلهم ساعون لمكاسب دنيوية متمثلة بالسلطة والزعامة من خلال سفك الدم وقتل الأبرياء، وكأنهم سيحيون حياة إبليس ويعمرون عمره الذي اشتراه بمقعد الخلود بالنار.
حينما عصى غروراً واستكباراً: {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ} (الأعراف).. إبليس نعوذ بالله منه، لم يمارس القوة الجبرية لإغواء الناس، بقتل من يعصيه ويمتنع عن اتباعه، إبليس سعى بغروره للانتقام من آدم وذريته الذي أمر بالسجود له، فباشر مهمته بآدم حينما أغواه بالشجرة التي نهي آدم من الاقتراب منها. لم ولن يكون دور إبليس القتل الفعلي بمعنى سفك الدم «بل قتل معنوي» يزين للأنفس الضعيفة دروب المزالق، ليغويها حتى توغل في المعصية وكبائر الذنوب، وعندما يمنحها شهادة التخرج يتبرأ منها، {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ...} الآية.. الموتى الذين زهقت أرواحهم بسفك دمائهم من خلال إنزال القنابل «البراميل المتفجرة» من اختراع إيراني أو تلغيم وهدم البيوت على رؤوس أصحابها وساكنيها من أطفال ونساء وشيوخ، والمساجد على رؤوس الركع السجود.. والأحزمة المتفجّرة والسيارات المفخخة. كلها لا يقوم بها شخص واحد، بل مجموعة أشخاص تبدأ من هرم القيادة في الهيكل التنظيمي، أو المتعاونة معها من هياكل تنظيمية أخرى كإيران وحزب الله والحوثي وبشار.. وتنتهي بالهالك الانتحاري كلها راضية متواطئة على الفعل.. كلهم معنيون بقوله صلى الله عليه وسلم: لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار. كل من مات بأي من أفعال الإرهابيين والخارجين على النظام والقانون. هم الأموات الذين سيقتلون قاتليهم. ماتوا ويُرجى لهم الخير من الله، أما من قتلهم بأي صفة وكيفية فسوف يموتن يوم ولادتهم. يخذل نفسه من يظن أنالدنيا حياة «ما هي إلا حياة الغرور» الدنيا جسر مرور فقط فيها يختار الإنسان أي الطريقين يسلك طريق الحياة الأبدية بسعادة الدار الآخرة، أم طريق الموت الأبدي يقلب ويتقلب في قعر جهنم. نعوذ بالله من النار وعذابها والدنيا وفتنتها. الانتحاري ليس طالب دنيا، ولا طالب آخرة. الانتحاري دجن فدجن، فأصبح كالبهيمة بل البهيمة أزكى منه، البهيمة لا تسعى للموت بل تفر منه، حتى إن الأسد وهو شيخ الشجاعة يفر من الموت ولو بقرن جاموس أو رفسة حمار. أما من يقتل نفسه في سبيل قتل الآخرين، فهو مجرد شيء تافه في هذا الوجود لا يملك من أمره شيئاً، يوجه فيتجه دون أن يكون له خيار أو اعتراض، خلت أنفسهم من صفة العقل فليسوا من المخيرين، وخلت أنفسهم من صفة البهيمة فليسوا من يتوجه بناموس خلقه وطبيعته كسائر المخلوقات غير المخيرة. أصبحوا بهذه الصفة هباء في الوجود يقتلهم الأموات في قبورهم.