ماجدة السويِّح
أمل وسعود اعتادا مشاركة الجيران والأصدقاء أفراحهم وأتراحهم، في يوم الجمعة الفائت كانا على موعد مع المواساة والفرح معاً لصديق عاني وانتصر، وفي خضم انشغالهما بالصديق نسيا موعد عرس ابنتهما التي كانت تنتظر منهما المشاركة والمساندة في أعظم لحظة تاريخية في حياتها. أحال تجاهل تلك المناسبة والاستغراق بالانشغال بغير ذوي القربى الابنة المنسية إلى عروس حزينة تستجدي الفرح والمساندة.
الابنة المنسية لم تكن سوى مملكتنا الحبيبة التي في خضم انشغالنا بالصديقة تركيا في ثورتها وفشلها تناسينا ونسينا الاحتفال بعرسنا الكبير المنتظر بعد تبرئة حكومة المملكة العربية السعودية من القيام بأي دور في أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وبذلك طويت صفحة عانت منها السعودية طوال الـ15 عاماً في الزج باسمها كمخطِّط أو مموِّل لتلك الأحداث الإرهابية وتحميلها فاتورة التعويضات لأهالي الضحايا.
رفع السرية عن تلك الأوراق اقتلع مسمار جحا الذي دأبت بعض وسائل الإعلام العالمية على عيادته من حين لآخر على صفحاتها أو ساعات بثها لابتزاز السعودية والتشكيك بدورها في محاربة الإرهاب. الإفصاح عن محتوى الـ28 صفحة في تقرير لجنة الاستخبارات بالكونغرس عن دور السعودية في أحداث الحادي عشر من سبتمبر وعدم وجود أدلة على صلة السعودية بمنفذي الهجمات الإرهابية مرَّ مرور الكرام في تجاهل مقصود من بعض الوسائل الإعلامية الكبرى التي دأبت على نشر تلك المزاعم وتعزيز نظرية المؤامرة بدور السعودية بتلك الهجمات الإرهابية، حيث لم تشر النيويورك تايمز والواشنطن بوست لمحتوى الصفحات التي أثبتت عدم وجود دليل على تورط السعودية في الأحداث المزعومة، وتجاهلت تصريحات رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ وبعض المسؤولين عن تبرئة السعودية من أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
التجاهل الإعلامي الخارجي ليس مستغرباً في ظل التحيز وخدمة مصالحها السياسية والاقتصادية، لكن التجاهل والعقوق المحلي لتقرير الكونغرس وتصريحات الجبير عن تبرئة السعودية لا يمكن تفسيره، حيث غابت الصحف والقنوات العربية عن مواكبة الحدث وإفراد المساحة والوقت المستحق لذلك العرس الكبير، وانغمس عدد كبير من قادة الرأي في المشاركة في الشأن التركي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتجاهل التفاعل الحقيقي مع فرحتنا الكبرى بدحض المزاعم الكاذبة.
لئلا ننسى عرسنا الكبير علينا المشاركة بالنشر والإيضاح كواجب وطني لا يقل عن واجب الجندي في ميدان القتال.