فوجئت كما فوجئ غيري من أبناء هذا الوطن الآمن بهذه العمليات الإرهابية التي ضربت قلب الوطن في جدة والقطيف وحول حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة في وقت كان فيه جموع أهل هذا الوطن من المواطنين والمقيمين يستعدون للاحتفال بعيد الفطر المبارك، وكأن هناك من يريد أن يفسد على الناس بهجتهم، ويعكر صفو حياتهم، ويشغلهم عن الفرح بلذة الطاعة لله في شهر رمضان، وينتقم من الركع السجود في بقعة من أفضل بقاع الأرض قريباً من مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو ما يشير إلى أن مرتكبي هذه الأعمال الإجرامية لا أخلاق لهم ولا دين، ولا ضمير يحاسبهم على استباحة الدماء الزكية بغير حق، وأن هذه أفعال إجرامية هدفها بث الرعب في القلوب، وإثارة الفتن وتقويض نعمة الأمن والأمان التي حبا الله عزَّ وجلَّ بها هذا الوطن وشعبه.
بداية لا بد أن يعلم كل متآمر على هذا الوطن من داخله أو خارجه أن وطننا عصي على الإرهاب، لأنه وطن الحب والتسامح واللحمة الواحدة، فهو الوطن الذي لا يفرِّق بين صغير أو كبير وبين مواطن أو مقيم، وهو الوطن الذي يحتضن أكثر من عشرة ملايين من معظم بلاد العالم يعيشون فيه بكل أمن وأمان يبحثون عن أرزاقهم، وتوفر لهم حكومتنا الرشيدة - وفَّقها الله- كل العون والدعم، كما أنه الوطن الذي تربط أبناءه علائق الحب والمودة، كما تقوم نفس الروابط أو تزيد بين قيادته بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده وولي ولي عهده - حفظهم الله- وجميع قياداته من جهة وبين أبناء الوطن كبارهم وصغارهم وشبابهم كما قال خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله-، فالكل في حب وخدمة الوطن سواء وعلى قلب رجل واحد.
إن اليد الآثمة التي امتدت للوطن وأبنائه بسوء لا بد أن تلقى جزاءها سريعاً، ولا بد من الضرب بيد من حديد على كل من يغرر بأبنائنا الصغار من شياطين الإنس الذين لا يريدون خيراً لبلاد المسلمين وفي القلب منها المملكة العربية السعودية، ويجب كشفهم وفضح مخططاتهم أمام جميع أبناء الوطن ليتعاون الجميع على التصدي لهؤلاء المجرمين الذين يستهينون بأرواح الأبرياء، ويريدون العبث بأمن واستقرار الوطن، ظنا منهم أنهم سينجحون في ذلك وهم واهمون في ذلك كل الوهم، فالله عزَّ وجلَّ قد حفظ هذا الوطن بفضله وكرمه، ثم بيقظة أبنائه من رجال الأمن الأوفياء الذين نذروا حياتهم للدفاع عن هذا الوطن وأمنه وأمانه، ثم بتلاحم أبنائه ووقوفهم على قلب رجل واحد ضد كل من تسوّل له نفسه الإساءة للوطن، وتكدير صفو حياة أبنائه ويعيثون فيه فساداً ويهدّدون أمنه وأمانه، بعد أن تجرّدوا من كل القيم الأخلاقية والإنسانية، وخلعوا ربقة الدين من أعناقهم، وصاروا ألعوبة في يد عصابات الإجرام ليبثوا فتنهم داخل وطننا الآمن.
إن ما شهدته المملكة من تفجيرات ومعها عدد من العواصم الإسلامية يحتم على المجتمع الدولي وبخاصة العربي منه والإسلامي الوقوف وقفة جادة في وجه عصابات الإرهاب والإجرام التي باتت تهدّد السلم والأمن الدوليين، وتسيء للإسلام والمسلمين حينما تتستر بستار هذا الدين الحق وهو منها ومن أفعالها براء، وتسعى لتجنيد الكثير من صغار الشباب المغرّر بهم وتملؤهم حقداً وغلاً على مجتمعاتهم، وتزيِّن لهم الباطل والقتل وسفك الدماء الزكية في الأيام الفاضلة والأرض الحرام، كما أن على جميع المؤسسات في دولتنا التصدي لهذه الأفكار الضالة والغريبة على أمتنا وثقافتنا، وهو دور ينبغي على الجميع وضع البرامج والأفكار للقيام به لا يستثنى من ذلك أحد سواء من المؤسسات الدينية أو التعليمية أو الاجتماعية أو الشبابية، فالكل مطالب بأن يكون له دور واضح في محاربة هذه الأفكار الضالة وأصحابها وردهم إلى الصواب، ولذلك أدعو إلى فتح حوارات جادة وعميقة مجتمعية ومؤسساتية يشارك فيها كل أبناء الوطن لمناقشة هذه الظاهرة وأسبابها وسبل التصدي لها، على أن يكون هذا بصورة عاجلة قبل أن تستفحل هذه الظاهرة وتكون وبالاً على الجميع، وكلي ثقة في فضل الله عزَّ وجلَّ ثم يقظة أبناء الوطن وتعاونهم للقضاء على هذه الأفكار المنحرفة ورد الشباب إلى جادة الصواب.
- رئيس شركة المدارس المتقدِّمة التعليمية