إن موجة العمليات الإرهابية التي تجتاح منطقتنا العربية، والتي تتم للأسف بأيدي شباب من أبنائنا تمكن الفكر التكفيري الضال من عقولهم.. وملك عليهم كل تفكيرهم، فهان عليهم وطنهم وأهلهم ومعالم الدين الصحيحة، بل وهانت عليهم أنفسهم ففجَّروها بلا ثمن، اللهم إلا إرضاء لنزوات منحرفة، وطاعة لشيوخ السوء وفقهاء الفتنة الذين وظفوا أركان الشرع وطوعوا جُل الفتوى لأهوائهم الشخصية الضيقة وانتماءاتهم الحزبية المهلكة للبلاد والعباد..
إن الفرق بين الشخص الناجح وبين الشخص الفاشل هو أن الفاشل عندما تواجهه مشكلة ما يتركها قائمة ويبحث عن أسبابها ليلصقها بغيره.. ويبحث جاهدا عن شماعة فيما حوله يعلق عليها فشله!!
أما الشخص الناجح عند مواجهته مشكلة ما يفكر سريعاً في وسائل علاج المشكلة ليحلها حتى لو استعان بغيره، ثم يفكر بعد ذلك في الأسباب التي أدت إلى هذه المشكلة ليتجنبها مستقبلا ..
وبالبحث في داخلنا العربي والإسلامي عن كيفية وطرق مواجهة هذا الفكر الظلامي المنحرف - الذي إن استمر -لا قدر الله- سيهلك الحرث والنسل، وتضيع معه الأوطان.. والأمثلة ظاهرة لكل ذي عين من حولنا- نجد أنه قد تعددت الآراء وتشعبت الوسائل.. والكارثة أن كلا منا يحاول إلقاء اللائمة على الآخر..
فمن قائل بأن وسائل الإعلام الحديثة من تلفاز وإنترنت هي السبب في هذا الانحراف، ومن قائل بأن التعليم والمناهج والمدرسة والمدرسين هم السبب، ومنهم من يلقي باللوم كله على الدعاة وأئمة المساجد..
والحقيقة أن كل ما سبق - في حال فشله- له دوره في تشكيل ذلك الفكر المنحرف الذي صنع من أبنائنا أعداء لنا، واستعمالهم كقواعد هدم لأوطاننا لا سواعد بناء.
ولكننا إذا وقفنا عند ذلك الحد من التباكي والتلاوم نكون قد غفلنا عن ذلك الصمام الذي يمكن أن يتحكم في أداء كل تلك الوسائل ويراقبها بل ويمنع خطرها قبل حدوثه، إن هو أصدق النية وأحسن العمل.. ألا وهو البيت ورب الأسرة..
فالبيت قد يصبح مفرخة للإرهاب في ظل غفلة أو تغافل رب البيت أو الوالدين وعدم إحكام الرقابة على سلوك الأبناء، فإن عجز الوالدان عن أداء هذا الدور فلن يصل مركب البيت والمجتمع بأسره إلى بر الأمان..
لأننا، وبصريح العبارة، لن نستطيع بين يوم وليلة مواجهة أو التحكم في وسائل الإعلام بشتى ألوانها في ظل عصر الأجواء والقنوات المفتوحة التي تمطرنا كل يوم بفتنة جديدة، وفي ظل بدعة حرية الرأي وحقوق الإنسان التي يروج لها البعض في ظروف استثنائية يتعرض فيها أمن الأوطان للخطر بل والانهيار ..
ولن نستطيع كذلك في فترة وجيزة إصلاح نظم التعليم القائمة والتي تحتاج إلى إعادة النظر فيها برمتها، بدءا من حسن اختيار المعلم وجودة إعداده مهنيا لتعديل نظرة المجتمع له، وغرس احترامه في نفوس الأبناء، وذلك باحترام البيت للمعلم ودوره وترك السخرية منه أو الإساءة إليه أمام الأبناء..
وصياغة مناهج وطرق تدريس تركز على الناحية العملية والتطبيقية، وتحويل المدارس إلى ورش عمل ومعسكرات لاكتساب المهن المختلفة إلى جانب التعليم الأكاديمي لصقل شخصية الطالب لينشأ صاحب علم يقدس الحرفة معتمدا على نفسه.
فهل يتخلى الآباء عن ذلك التراخي والتهاون في مراقبة الأبناء ومتابعتهم دراسيا وسلوكيا ومعرفة: من يصاحبون، وماذا يشاهدون ومع من يتواصلون، مع توجيههم وتقويم سلوكهم، بل وإبلاغ الجهات المسئولة إن تعذر عليهم الأمر حفاظا على هذا الوطن..
وفي الوقت نفسه قبل أن تمتد إليهم بالقتل تلك الأيدي التي تمنوا من الله عونها في يوم من الأيام!!
حمى الله هذا الوطن من كيد الأعداء والحاقدين وحفظ لنا قيادتنا وولاة أمرنا ووفقهم لكل خير وأعان رجال أمننا وتقبل الله شهداءنا.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.