سمر المقرن
بعثت لي سيدة رسالة غارقة بالدموع، تتألم فيها على طفلها وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة الذي يعيش في حضانة والده بعد طلاقهما. هذه الرسالة فتحت لي كثير من أبواب البحث في هذا الموضوع، وقد بحثت مع أحد المتخصصين «الثقة» في الحقوق وأكد لي بأن أوضاع المحاكم الأسرية قد تغيّرت تماماً، وأن مصلحة «المحضون» هي الأهم دون النظر إن أخذ الحضانة الأم أو الأب أو أحد أقاربهما. في الحقيقة هذه المعلومة أثلجت صدري، وأن أنظمة الحضانة اختلفت عن الماضي، وقد سألته عن إن كان هناك نظاماً خاصاً لحضانة الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، فأكد لي عدم وجود مثل هذا النظام، وإنما يُعامل معاملة أي «محضون» عادي وحسب ما تقتضيه مصلحته.
وهنا أنوّه بأن الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يختلف عن أي طفل عادي، لذا من المهم أن يُخصص نظاماً منفصلاً لحضانته، فإن كان الطفل العادي بإمكانه أن يعيش منفصلاً عن أمه، فإن الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة لا يُمكن أن يعيش بعيداً عن أمه، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى أن رعايته تختلف عن الطفل العادي، وكذلك احتياجاته، وتردده على المراكز التي تُعنى بتنمية مهاراته وهذه المراكز جميعها نسائية، بمعنى أن الأم هي القادرة على أخذه لهذه المراكز ومتابعة تنمية قدراته حتى لا يظل معاقاً عقليّاً مدى الحياة.
والطفل المعاق تختلف احتياجاته، كونه بحاجة إلى العديد من البرامج والتي لا يستطيع الأب متابعتها ولا حتى فهمها واستيعابها، إضافة إلى المشقّة والتي لا يستطيع تحملها والقيام بها سوى الأم. لذا أرى من المهم أن يكون في سياق التطوّر الجميل والحاصل في أنظمة الحضانة، أن يُخصص نظاماً لحماية «المحضون» من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأن يبقى مع أمه حتى لو تزوّجت، ما عدا في حال أُثبت عليها إهمالها له سواء قبل أو بعد الزواج، فيذهب لمن هو أحق برعايته.
إن بقاء الطفل أو حتى البالغ من ذوي الاحتياجات الخاصة في رعاية شخص آخر غير أمه، هو حرمان له من أبسط أنواع الرعاية والاهتمام، خصوصاً مع التطور الكبير والوعي في رعاية وتأهيل هذه الفئة وجعلها منتجة في المجتمع، فغياب رعاية الأم سيجعل الاعاقة مضاعفة، وسيحرمه أهم احتياجاته وهو العيش بقرب أمه، فالطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يكون ارتباطه بها أقوى من الطفل العادي واعتماده عليها أكثر، وبدون أمه يضيع!