أمل بنت فهد
الغضب ليس انفلات قسري للسيطرة.. ولن يكون خروج عن القانون دون وعي.. الغضب «هياط» وفتوة اعتاد أن يخشاها الآخرين.. الغاضب الفاقد لعقله كما يبدو لجمهوره.. إنه بكامل قدراته العقلية.. كل ما في الأمر أنه أمن العقوبة لأنه اعتاد على ذات الحيلة حينما لا تسير أموره كما يريد ويشتهي.. يأخذ الوضعيات العنترية بسيف أو مسدس أو يستخدم ذراعه أو صوته.. ليس لأنه قوي.. على العكس تماماً هو أجبن الجبناء.. وأقلهم صبراً.. ولا يملك من أمر نفسه شيئاً.. عدا حركاته «الجمبازية» التي يلجأ لها متى حُشر في زاوية وبات قريباً من عري يفضح ضعفه.. هو نفس الطفل الذي اعتاد أن يأخذ ما منع عنه بالبكاء والعناد.. لكن بجسد أكبر لكن العقل هو ذاته لم يكبر.
نخطئ ونساهم في تعاظم حالة الغضوب ونكون من أسباب تفاقم حالته إذا كان رد الفعل عليه أن نتحاشى غضباته.. أو نمنحه ما ليس حقاً له في محاولة منا لتهدئة الوضع.. وأسوأ من هذا كله عندما تتدخل الوساطة والإصلاح لمنحه فرصة أخرى دون أن نتأكد من فهمه لخطأه.. دون أن يخضع للعقوبة التي يستحقها فعله.
لأنه تعود أن يقف خلف سلاح.. ويثق به من تجربته في مواقف كثيرة.. فهو مشروع عدواني يمكن أن يتحول من معتد إلى قاتل.. فالمجانين الذين تطالعنا الأخبار بقصصهم الدامية بسبب الغضب وفقد السيطرة.. كان للمجتمع وللأسرة دور كبير في تهورهم واستهتارهم.. وتعدياتهم لم تأت فجأة.. إنما بدأت بسيطة بحيث تعلم منذ الصغر أن العنف يمكنه أن يمنحه قوة الاستيلاء.. والبطش يعطيه حق التملك.. والتنمر فرصة لفرض النفوذ والسلطة.. وكلها كانت في مواقف صغيرة بين أقرانه.. لكنها تكبر معه وتصبح عادة ووسيلة لإشباع رغباته التي لم يتعلم كيف يتعامل معها ويهذبها.
فالحرمان والقسوة حين يعقبها اغداق وحب ينتج لنا شخصية سلبية وضعيفة تجد في الهوان والعذاب لذة انتظار الجائزة.. فتكبر وهي تظن في أعمق أعماقها أن الذل والألم يؤدي إلى لذة بعده.
أما الحرمان والعقاب الرخو الذي يذوب أمام عناد الطفل فهو الكارثة التي تخلق شخصية مستعدة للعنف لتحصل على مبتغاها.
والحل كما هو دائماً في البساطة.. بساطة الثواب والعقاب.. ويعرف الطفل تحديداً لماذا هو معاقب أو تم حرمانه.. ويحدد بوقت أو معيار يناسب عمره.. ليعرف معنى المسئولية.. ويتحمل أن لا يأخذ ما ليس له.. ويتعلم الحدود والفرق بين الحرية وحقوق الآخرين.
أما مجانين الأسلحة اليوم.. فعلاجهم القانون الذي لا يستثني ولا يلين ولا يقبل واسطة.. وليكن عقابهم شاهر واضح أمام العالمين.. فكما قلنا أول المقال.. الغضوب يعرف ماذا يفعل.. وليس بفاقد للأهلية.. مثله مثلك.. وعليه أن يضبط نفسه التي يرواغ بها.. وليعلم أن القصاص مصيره.. وينتظر رقبته المتعالية سيف يأخذ حق الآخرين منه.. ولننهي مسرحية حصالة الدية المليونية.. حتى لا تكون الأرواح تجارة.. آن لهذه الفوضى أن تنتهي.