رقية سليمان الهويريني
تبدو وزارة العمل والتنمية الاجتماعية جادةً بالعمل على إغلاق المحلات التجارية عند التاسعة مساء، رغم الانقسام المجتمعي حول هذا الأمر لشعورهم بأنه ينطوي على الاهتمام بالناحية الاقتصادية البحتة! وإهمال حاجة الناس للتسوّق حتى وقت متأخر بسبب التأخر في الانصراف من العمل لاسيما القطاع الخاص! وهناك سبب آخر يبرر فيه الناس التسوّق الليلي كشدة الحرارة نهاراً واعتدال الجو ليلاً خلال الصيف.
ففي حين ترى الإستراتيجية الحكومية ممثلة بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية أن هذا الإجراء سيساهم باستقطاب الشباب للعمل بالمحلات التجارية، ومنافسة الوافدين أو التقليل من الاعتماد عليهم، وتوطين عمل المرأة، فضلاً لما له من فوائد اجتماعية كثيرة منها عودة الحميمية والاجتماع المفقود للأسرة التي يتناهب أفرادها الاهتمامات المختلفة والثقافات الوافدة كالتسوّق الليلي أو ما يُسمى بالترفيهي في الأسواق وتناول العشاء مع الأصدقاء في مطاعمها.
ولعل المتمعن بالوضع الأمني والمشفق على الجانب الاجتماعي والمهتم بالوضع الاقتصادي والمعني بالجانب الصحي يرتئي إغلاق المحلات التجارية في وقتٍ باكرٍ لأنه يحمل في طياته فوائد جمة، حيث سيقلِّل من التردد على الأسواق، ويرشِّد من شراهة الاستهلاك، وفيه حفظ لمدخرات الأسرة، وكذلك تخفيف الازدحام المروري الخانق وخصوصاً في المدن الكبرى والتقليل من الطاقة المهدرة في الكهرباء الناتج من الإضاءة والتكييف. والفائدة العظمى ما يتعلّق بالمجال الأمني، حيث ستقل الحوادث بعمومها خصوصاً السرقة والمعاكسات، وسيكون من السهولة السيطرة على الوضع لوجود الأسر في مساكنها. ولا شك من انعكاس ذلك إيجابياً على الوضع الصحي للمجتمع، حيث سيظهر في قلة السهر والنوم الباكر، وقلة الأمراض المرافقة لقلة النوم، والانتظام في العمل وتقليل الغياب.
ولكي ينجح الإجراء الجديد؛ ينبغي الالتزام بفتح المحلات الساعة العاشرة صباحاً والاستمرار ظهراً وعصراً لاسيما أن جميع الأسواق مكيّفة، والاكتفاء بإغلاقها أثناء الصلاة لمدة عشر دقائق فقط، وتوحيد موعد صلاة العشاء عند التاسعة مساء في جميع مناطق المملكة.
وهذا التنظيم من شأنه أن يجعل الناس تعتاد على حياة منظمة، ولعله يسري على الزيارات المسائية فتبدأ باكراً وتنتهي قبل منتصف الليل، وترجع تلك العادات الجميلة ويعود الصفاء والهدوء إلى حياتنا.