كوثر الأربش
مَنفَذ: إذا كنتَ تعتقد أنّ إيران تمثِّل الشيعة، فلا تقرأ هذا المقال، حتى تدرك أنّ إيران الملالي دولة فاشية تختبئ خلف ستار التشيُّع.
فرنسا.. المطبخ الفعلي للثورة الخمينية، الواقعيون يعرفون ذلك. يعرفون أنه حين نُفي الخميني إليها، كان بيته موفدًا لعملاء الاستخبارات الغربية. الوقت الذي كان عصر الشاهنشاه يتلمّس نهايته، الوفود تزحف للشوارع، وتغلي. كانت الثورة في قِدر الغرب، تُطهى بهدوء ودهاء. دهاء العارفين بصناعة الثورات عن طريق العبث بالمشاعر الدينية واستغلال رجال دين من المتاجرين به. تمامًا كما فعلت أمريكا في حربها الباردة ضد الاتحاد السوفييتي. وقتئذ لم يكن للخميني مكانة علمية كالقمي مثلاً، كان منسياً في المنفى، ولا تدري البهلوية أنّ أكفانها تحاك في فرنسا.
كانوا يحلمون بالديمقراطية، أحزاب وفرق وصل بها التهميش والحرمان حد الانفجار، وحدث ذلك. خرج الجميع، رجال، نساء، موظفون، أكاديميون وعمال للإطاحة بتاج الشاه. لم يتخيلوا مطلقًا أنّ إنجازهم سيتدمر، وأنّ الطاغية قد يلبس عمامة أيضًا. عرفوا أنهم سيُحكمون من قِبل نظام ديني متطرف يعدهم بالفناء، ليستفرد بالسلطة مشاركًا حلفاءه فقط. هؤلاء الذين قالوا: لا، في وجه الخميني. سجون «إيفين» و»كوهردشت» و»غيزيل هيسار»، وحدها تعرف شكل التوابيت المعلّقة على الجدران، ورائحة الدم والخوف. تَمزّقَ حلم الوجود للأحزاب السياسية بعدما أعلنها الخميني، أمام الحشود، وأمام كاميرات التلفزيون الرسمي: «منعنا كل الأحزاب، يمكن لحزب واحد أن يبقى، حزب الله» وعلى طريقة الراديكالية المتطرفة، كان يسمي حلفاءه بحزب الله، أما الآخر فهو «مفسد» و»عدو الله»، تماماً كما تفعل داعش اليوم.
نزل المجرمون للشوارع، أغلقوا الجامعات، هاجموا مراكز الأحزاب السياسية، لاحقوا الناشطين بمختلف أحزابهم. وقتها قال الخميني» إنهم لا يصغون لقائدهم المسلم، ويحتجون على الدولة الإسلامية، ويتصرفون بطريقة تخالف القرآن، وأنه يجب أن ينزل بهم أشد العقاب، يواجههم بصرامة، وأنّ الدين الإسلامي يطالب بذلك»، بهذه المسوّغات الدينية كان مصير كل من يقف أمام الولي الفقيه ويقول: لا، إما الموت أو بتر اليد اليمنى والقدم اليسرى، أو النفي. فيما هؤلاء الذين نفّذوا أحكام الإعدام والتعذيب تم توظيفهم في أعلى مناصب الدولة!. 21 فرداً من حزب «سربدران» ورئيسهم حسين رياحي كان مصيرهم الإعدام. نائب رئيس مجلس نقابة المحامين، الذي حاول الإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان، كان مصيره النفي. فدائيون وأكراد وأفراد من حزب توده والجبهة الوطنية وشريعتمداري. آلاف من أبناء الثورة افترسهم نظام متطرف يدّعي الإسلام. صفحة تمور بالدماء والسجون والصراخ والبرد انطوت في الثمانينات الميلادية، بعد أن حاولت حملات الثورة الدعائية التعتيم عليها، وتضليل المنظمات الدولية من خلال تقارير مزوّرة. حقبة يخاف الإيرانيون أنفسهم الحديث عنها، ويعتبرها أنصار الثورة تطهيراً للأرض من أعداء الله!
هؤلاء المكلومون لن يصمتوا أكثر، ومازال حلم إسقاط النظام يكبر في منافيهم. وفي فرنسا تحديدًا، منشأ ثورة الخميني. حيث احتضنت مؤتمر المعارضة الإيرانية مؤخرًا. فهل تحاك في فرنسا أكفان حكومة الملالي ويعيد التاريخ نفسه؟ من يدري؟