جاسر عبدالعزيز الجاسر
تويتر في مصر أسقط حسني مبارك من رئاسة أكبر دولة عربية اكتظاظاً بالسكان و(إسكايب) ثبت رجب طيب أردوغان رئيساً لأهم دولة إسلامية وأقواها عسكرياً، وهكذا تكون وسائل الاتصال الإلكتروني قد أصبحت عاملاً مؤثِّراً حتى في حياتنا السياسية ومصير دولنا، فالانقلاب العسكري في تركيا الذي فشل بعد أن هبَّ الشعب التركي للدفاع عن الديمقراطية ومواجهة عسكر تركيا، يسجَّل كسابقة تاريخية في قدرة المواطنين المدنيين العزّل في التصدي للدبابة والطائرة المقاتلة والجزمة العسكرية، ويجبر المواطنين المدنيين العزّل العسكريين المدججين بالسلاح على الاستسلام، كنت أتابع وقائع الانقلاب العسكري حتى ساعة متأخرة من ليلة الجمعة - السبت، وكنت أظن أن العسكر في طريقه للاستيلاء على السلطة خاصة وأن سلاحين مهمين متورّطان في الانقلاب، سلاح القوات البرية التي هي عماد كل الجيوش فلديها الدبابات والمدرعات والمشاة وهم الجنود الذين يمسكون الأرض، وسلاح الطيران الذي يستطيع السيطرة على السماء بنشر طيرانه الحربي والمروحيات المقاتلة، وفعلاً استطاع (كونيلات) القوات البرية والطيران مباغتة أردوغان ومَن معه من أجهزة المخابرات والأمن والشرطة والاستيلاء على المواقع المهمة في أنقرة وبعض المراكز في اسطنبول، إلا أن أردوغان أو لنقل أنصاره المتفانين في الإخلاص له، (دبروا) له اتصال هاتفي عبر (الإسكايب)، حيث نجح في التواصل مع الشعب التركي الذي كان متجاوباً مع نداء الرئيس الذي طلب منه النزول إلى الشوارع وإحباط الانقلاب، وفعلاً خرجت الملايين للشوارع، ليس فقط أنصار حزب التنمية والعدالة، بل كل أنصار الأحزاب بمن فيهم أنصار حزب الأكراد والقوميون والحزب الجمهوري، نستطيع القول إن كل المدنيين خرجوا وشاهدنا كيف تسلّق الشباب التركي أبراج الدبابات وانتزعوا الجنود من داخل الدبابات لنرى بعدها عشرات الجنود يرفعون أيديهم مستسلمين للشرطة التي وقفت مع شرعية الرئاسة والحكومة، ويتحقق تقريباً لأول مرة هزيمة العسكر أمام المدنيين من الشعب التركي الرافض للانقلاب العسكري، لتخرج تركيا من هذه المحنة التي كاد العسكر أن يدخلها في أتونها ويزيد من المتاعب التي تحاصر هذا (العملاق الإسلامي) الكبير من كل جانب.