جواندونج - «الجزيرة»:
ذكر الخبير السياسي والأكاديمي الصيني شي زيكين المختص في شئون السياسة الخارجية والعلاقات الدولية بأن نجاح مساعي مكافحة الإرهاب يتطلب أن تعيد الولايات المتحدة ترتيب أولوياتها بحيث يحتل الشرق الأوسط صدارة أولويات السياسة الخارجية الأمريكية.
وأشار في مقال نشرته جريدة تشاينا ديلي, إلى أن سبب صعود الإرهاب في الشرق الأوسط في السنوات القليلة الماضية يرجع بصورة رئيسية إلى سياسة باراك أوباما القائمة على التركيز على آسيا في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من العراق وأفغانستان وانحسار دورها في منطقة الخليج, ما جعل الفرصة سانحة لازدياد نشاط الجماعات الإرهابية واشتعال الحروب الأهلية بالمنطقة.
وأشار إلى أن سياسة التركيز على آسيا قد دعمتها عدة عوامل. أولها اعتقاد الولايات المتحدة أنها تزداد اقترابا من تحقيق حلمها بالاكتفاء الذاتي من الطاقة. أما العامل الثاني فيتمثل في تصورها أن شرق آسيا سيكون مركزا اقتصاديا عالميا مهما، ومن ثم استأثرت تلك المنطقة بأهمية خاصة في ملفات السياسة الخارجية الأمريكية.
أما العامل الثالث فيتعلق باعتقاد الولايات المتحدة أن صعود الصين قد يمثل نوعا من التهديد, بالإضافة إلى أن النزاعات الحدودية بين الصين وعدد من جيرانها دفع البنتاجون لتوجيه أغلبية قواته البحرية إلى منطقة غرب المحيط الهادي. ونجم عن ذلك تقليص التواجد العسكري في منطقة الشرق الأوسط. لدرجة أنه إبان قيام القوات الأمريكية بضرب أهداف داعش في العراق, صدقت القيادة العسكرية الأمريكية على قرار سحب حاملة الطائرات الوحيدة المتواجدة في منطقة الخليج, رغم أن سياسة البنتاجون تقضي بضرورة الإبقاء على حاملة طائرات واحدة على الأقل في تلك المنطقة في كافة الأحوال.
ويشير إلى أن غزو الولايات المتحدة للعراق تسبب في خلق بيئة مواتية لاندلاع الحروب الأهلية وتفاقم حدة التطرف في عموم الشرق الأوسط. بالإضافة إلى أن قرار الولايات المتحدة بسحب قواتها من العراق فضلا عن التردي المطرد للأوضاع في سوريا ترك المنطقة نهبا للصراعات ومكن داعش من الاستحواذ على مناطق شاسعة في سوريا والعراق. وصارت داعش الآن العدو الأكثر تعقيدا بالنسبة للولايات المتحدة. ليس فقط للنجاح العسكري الذي تحرزه ولكن لمدى الانتشار الذي تلقاه دعواتها في مناطق عديدة فيما وراء العراق وسوريا.
ويذهب الدكتور زيكين إلى أن سياسة الإدارة الأمريكية القائمة على التركيز على آسيا لم يحالفها التوفيق. فهي لم تفلح في تحجيم الطموحات النووية لكوريا الشمالية. في حين أن تدخل الولايات المتحدة في النزاعات الحدودية تزيد من تفاقم الشقاق وتصعيد حدة التوتر بين بكين وواشنطن. وبالرغم من أن قيام الصين ببناء جزر صناعية قد عزز موقف بكين في بحر الصين الجنوبي إلا أن العمليات الاستطلاعية التي تقوم بها الطائرات الأمريكية في المياه الإقليمية الصينية يزيد من فرص الصراع المسلح.
ويرى أن السبيل لتحاشي هذه النزاعات هو أن تتوقف الولايات المتحدة عن إذكاء روح الصراع والعمل على ما يخدم السلم والاستقرار الدولي. ومن هنا فهو يرى أن على واشنطون تخفيف تواجدها في آسيا وأن تعود لتعزيز دورها في الشرق الأوسط, على النحو الذي يقدم تطمينات لحلفائها في المنطقة وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية.
ويرى أن إعادة مركز الثقل إلى منطقة الشرق الأوسط لا تقتصر أهميته على تمكين الولايات المتحدة من حماية مصالحها المرتبطة بعلاقاتها مع السعودية وسائر حلفائها بالمنطقة,بل سيسهم في التصدي للإرهاب الذي يمثل التهديد الأكبر للأمن القومي الأمريكي.
من ناحية أخرى، يؤكد الكاتب على أن الشرق الأوسط يحتل مكانة بالغة الأهمية في إطار مبادرة الحزام والطريق المعروفة باسم طريق الحرير الجديد, وأن الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني إلى عدة دول في المنطقة من بينها السعودية أظهرت مدى الأهمية التي توليها الصين لتعزيز دعائم السلام والاستقرار بتلك المنطقة الحيوية. لافتا إلى أنه من الأهمية بمكان أن تعمل الصين والولايات المتحدة على التعاون في سبيل إرساء دعائم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
يشار إلى أن الدكتور شي زيكين شغل سابقا منصب عميد بجامعة تشينخوا الصينية, وترأس قسم العلاقات الدولية بالجامعة ويعمل حاليا مديرا لمركز دراسات طريق الحرير بالإضافة إلى منصبه كخبير في مركز جامعة تشينخوا لشئون السياسة الخارجية.