عبدالحفيظ الشمري
«إبداع الطفل» هاجس إنساني، واجتماعي، وأسري مهم، ويتشكل من خلاله الكثير من الرؤى والتوقعات التي تبحث عما يميز هذه التجربة ويقدم لها النافع والمفيد في حقول عديدة.
فلا يتوقف إبداع الطفل عند ما هو بصري وتذوقي تشترك المدرسة والمنزل في تفعيله وتطويره في عقليته؛ على نحو الرسوم والتلوين، والتعبير عن الذات، والترديد، والحفظ، إنما يتعداه نحو صور عقلية وذهنية مختلفة وذات عمق واضح.
وحينما نقول إن إبداع الطفل هاجس مستمر، حتما فإننا أمام رؤية عميقة لا يمكن لنا أن نتناولها على أنها مجرد تجربة بسيطة، تميل إلى الترفيه المحض، ليتفاعل معها الجميع من منطلق البحث عما هو سهل وميسر، على نحو إعداد المهرجانات والأركان والمعارض التي يظهر فيها نمطية العرض المقدم، وتكرار البرامج.
ولكي نعد للطفل أرضية إبداعية مناسبة لا بد لنا ككبار أن نمنحه الفرصة الكاملة ليتفاعل مع تجربته وفكره، وأن نرفع عنه الوصاية التي تكبله، وتفرض عليه نمطا معيناً في الأداء والتفكير، وهذا ما يتجسد للأسف في أسلوب التلقين في المواد التعليمية.
فبعض طروحات التعليم لا تراعي المشروع الإبداعي للطفل، إنما تدرجه ضمن نسق التعليم في كافة المراحل.. فهي غير معنية، أو لا تلتفت إلى بيئة الإبداع للطفل، لا سيما في المراحل الأولى من التعليم، إذ إن ما يقدم هو خطط ومناهج وأعمال صفية لا وجود لهامش الإبداع فيها.
وحينما نتأمل المرحلة المهمة من مراحل النمو والتحول لدى الطفل فإن رياض الأطفال بمرحلتيها الروضة والتمهيدي هي حلقة الوصل المهمة بين الطفل وإبداعه، بل أنها هي المرحلة التي يمكن لذائقة الطفل أن تتشكل وفق هذا المفهوم، لتنمو، وتجد لها من يبتكر الخطط، ويطور مشاريع التعليم والتربية والإبداع في هذه المرحلة الحيوية.
فقد نتجاوز في هذا المفهوم تجربة إبداعه في مجالات الرسم والتلوين والخطوط إلى أبعد من ذلك، أي أن نتوجه لاستلهام تجارب ومشاريع متميزة في مجال رعاية الطفولة، وأنشطة الصغار.
والأهم من هذا وذاك أن ينجح الكبار في تحقيق الدعائم الرئيسية في حياة الطفل والمتمثلة في توفير ضرورات الحياة لهذا الجيل، ليقبل على حياة العلم والتعليم بخطوات ثابتة ومتزنة.