د. خالد عبدالله الخميس
رعد الشمال حركة ذكية من الدول الإسلامية لإشعار أي طرف يعلن عداءه للحرب على الإسلام بأن هنالك وحدة إسلامية متضامنة عسكرياً. إن كل مسلم على وجه البسيطة مهما كان انتماؤه السياسي ومهما كان انتماؤه الحزبي استبشر وفرح بالوحدة العسكرية للدول الإسلامية.
رعد الشمال يحتاج لرعد آخر يكمل دوره، وهو منوط بقادة الدول الإسلامية المتضررة والتي تهدف في المقام الأول إلى التصدي للتحديات التي تواجه العالم الإسلامي.
إن أكبر تحدٍ يواجه الإسلام هو حركة الإسلام فوبيا والتي تهدف لتشويه صورة المسلمين والعرب في دول الغرب والشرق، فرعد الشمال يحتاج لرعد آخر معزز له وهو حركة الإسلام فوبيا المضادة، هدفها يضاد ما أسسته القوى المعادية للإسلام من حركات تهدف لتشويه السلام وتصويره في قالب عصابات داعش.
بيت القصيد هنا، أن الدول الإسلامية على المستوى الدعوي والسياسي تكتفي بخطابات البراءة من المنظمات الإرهابية، وعلى المستوى الأمني تكتفي بتعقب بيادق تلك المنظمات وقتلهم، وكأنها بهذا تبين للغرب والشرق أن الإسلام بريء من المنظمات الإرهابية.
إن هذا الإجراء ناقص وضعيف جداً، فهنالك فرق بين من يدافع عن نفسه، وبين من يشير لأصابع الاتهام لأصل الجاني، فعادة يظل المدافع عن نفسه متهماً مهما قدم من براهين تثبت براءته، فموقف من يدافع عن نفسه أضعف من موقف من يتهم الآخر.
إن توحد جهود أجهزة الاستخبارات والمباحث في الدول الإسلامية المتضررة بقيادة دول منظمة التعاون الإسلامية يمكنها من كشف الحلقة الأعلى التي تدير بيادق المنظمات الإرهابية، وبتجميع الأدلة من هنا وهنالك يمكنها فضح «حركة الإسلام فوبيا» والتي بالتأكيد سيكون لدول الغرب وربما دول إسلامية طائفية، ضلع قائم فيها، وبدلاً من استمرار تخفي الجلاد في عباءة المظلوم ينكشف أمره للعالم.
إن إحدى قواعد الحرب الأممية الحديثة أنك إذا أردت أن تحارب أمة، فحاول الدخول إلى أي جماعة متطرفة فيها Extremist بعملاء سريين ليبنوا لك «عش الدبابير» ثم دع الجماعة تبث سمومها على العالم وتشوه دينهم وبعدما تتحقق أهدافك قم برمي أعضاء العش في المزابل بعدما تؤمِّن عملاءك.
إن أخشى ما يخشاه كل مسلم أن تأتي حركة الإسلام فوبيا المضادة متأخرة، وأن لا يتم القضاء على داعش وماعش وفاحش إلا بعدما ينجح مشروع الإسلام فوبيا ويحقق كامل أهدافه.
نحن في صراع مرير مع الزمن، فإما أن ينجح مشروع الإسلام فوبيا، وإما أن يفشله حركة تصحيحية لذلك المشروع الآسن.
فعش الدبور لا يموت إلا بموت الملكة، وإذا أرادت الدولة المستهدفة أن تقضي على عش الدبابير، فإنه يصعب عليها عبر الوسائل الاستخباراتية الاعتيادية، وقد تلحظ أن المنظمات الإرهابية يزداد نشاطها بازدياد الحرب عليها، وسبب ذلك يرجع لأن الاستهداف دائماً ما يقع في دائرة الطبقة الدنيا من البيادق، وأحياناً طبقة الأمراء، ولكن لا يصل لطبقة القادة العليا ومن ضمنهم العملاء السريون. ونتيجة لتعقُّد سرية التنظيم ودقة الفصل بين طبقة البيادق وطبقة القادة فليس أمام الدول المستهدفة سوى تدريب عملاء أذكياء مدربين ومندسين ومخادعين يتم زراعتهم داخل الجماعة، هدفهم ليس التركيز على طبقة البيادق الدنيا أو طبقة الأمراء، بل للوصول لمعلومات عن رؤوس الطبقة العليا من التنظيم لكشف تسلسلهم وصلتهم بالدول المعادية. وربما واجه المندسون مشاكل في اختبار حسن النية كأن يطلب منه القيام بعمليات إرهابية أو انتحارية، وهنا يتأكد على المندس ضرورة اتصافه بمستوى عالٍ من الحصافة والدهاء كونه مراقباً من رؤوس التنظيم من جهة، والمزروعين من جهة أخرى. (عادة لا يقل ذكاء العملاء السريين في جهاز الموساد عن 140 درجة، أي درجة عبقري).
ورغم أن الوصول لأعلى السلم أمر صعب كون من يشرف على إدارته هم أجهزة استخباراتية مزروعة وعملاء سريون أذكياء إلا أن الحرب في أولها وآخرها خداع في خداع. وبتعاون الدول المستهدفة بأجهزتها الاستخباراتية أمر يسهل عمليات الخداع والتخفي.
ولو حصل للدول المستهدفة قاعدة بيانات معلوماتية عن التنظيم الأعلى للجماعة المتطرفة وانكشف لها حقيقتها وانكشف العملاء السريون المزروعون، فإن فضحهم في وسائل الإعلام سيخفف على تلك الدول حملاً ثقيلاً، فبدلاً من يقتصر الأمر على فضح أبنائهم من البيادق وأمراء البيادق يتم فضح الطبقة العليا والعملاء السريين والمحسوبين على جهات معادية لدين الدول، وبدلاً من نشر صور بيادق أبنائهم يتم نشر صور العملاء السريين، وبدلاً من أن أكون أنا في وضعية المدافع عن حسن نيتي أكون في وضعية المهاجم لسوء نوايا الآخرين.
ولقد أحسنت المخابرات الكويتية من فضح أبو تراب الداعشي حينما أسفر التحقيق معه بتاريخ 7-7-2016 بوجود صلة تربطه بنظام بشار ونظام ملالي إيران، كما أحسن الأمير تركي الفيصل رئيس الجهاز الاستخباراتي سابقاً، في خطابه الأخير في الإيماء إلى إيران باعتبارها مصدراً من مصادر تمويل الإرهاب العالمي. كما خرج على السطح الإعلامي مصطلح جميل سُمي بتدعيش السنة يراد منه أن الداعشية ما هي إلا منظمة تهدف لتشويه الإسلام السني الذي يدين به معظم المسلمين.