إن من دلائل كمال الرجل ونبله حسن عشرته لزوجته وتلطفه معها وتجاوزه عن أخطائها وزلاتها، وتقديره لمشاعرها وأحوالها النفسية. وقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم الغاية في ذلك، حيث أدار بيوت أزواجه إدارة حكيمة تعتمد على المودة والرحمة والرفق وتحمل المسؤولية. وسئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في أهله؟ فقالت: كان في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة.
ومن أعظم الأسس التي بني عليها نظام البيت النبوي هو أساس العدل، في السكن والنفقة والمبيت وكل ما يمكن العدل فيه مما يملكه الإنسان، فالميل القلبي لا يستطيع الإنسان التسوية فيه. وكان يتعامل مع أزواجه بالمودة والرحمة، واللطف والحنان، فالتدين لا يتطلب الجفاء ولا جفاف المشاعر. وكان حريصاً على إدخال البهجة والسرور إلى جنبات البيت النبوي، ويعمل على إسعاد أزواجه وإعطائهن حقهن في الفرح واللهو المباح. ويحرص على حل المشكلات العابرة واحتوائها بالطرق المناسبة. ومن حسن عشرته صلى الله عليه وسلم لأزواجه أنه كان يعلمهن أحكام الشريعة وحدود العبادة، وينهاهن عن الغلو والتشدد في الدين، وإذا وجد منكرا في بيته غيره بيده وبين حكم الله في ذلك. ومن حسن عشرته: الشفقة على أزواجه فلا يوقظهن من نومهن لأدنى سبب، ولا يتركهن ليلاً يستوحشن. فكان صلى الله عليه وسلم على القمة في عشرته مع أهله.
- المشرف على كرسي المهندس عبد المحسن الدريس للسيرة النبوية بجامعة الملك سعود