علي عبدالله المفضي
كنت قبل أيام في حديث مع أحد الأعزاء المحبين للشعر عن دواعي كتابة القصيدة فقال: (إنها بحاجة إلى معاناة) فهل تحتاج القصيدة حقا إلى معاناة وتوقفت عند هذه الكلمة فوجدت أنها قد حفرت في ذاكرة الشعر العربي منذ القدم حتى أن العيد الذي يجب أن يكون عنوانا للبهجة والفرح وإجازة من حزن العام كان مدعاة لاجترار الحزن والألم.
وحين قال المتنبي متسائلا:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ
فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ
لم يكن مخطئا فهو شاعر عربي امتلأ وجدانه كغيره بالوجع، ولا غرابة أن تؤثر القصائد المتشحة بالسواد والدموع أكثر من غيرها والشواهد من الشعر أكثر من أن تُحصى فما السر في ذلك.
هل شح الفرح في أيامنا جعلنا لا نجيد التعامل مع ملامح البهجة ولو لأيام معدودة أم أن حزننا تأصل في النفوس حتى أصبح الفرح زائرا غريبا لا نعرف كيف نتعامل به أو معه وكأنه جاء ليحرمنا من أجوائنا العابسة ويخرجنا من أنفاق الكآبة إلى مساحات الضياء والمتعة.
وقفة مضيئة:
يا حديث الورد للعيد بك معنى جديد
والسنين اللي مضت منك عادت لي جداد
جيت من وجهك تصب الضحى وسط الوريد
جيت لافراح العمر تفتح بروحي بلاد
ما انت بس لفرحة العيد بك معنى جديد
انت حتى العيد يلبس لك ثيابٍ جداد