د.عبدالعزيز العمر
لا أظن أنني أحتاج إلى أن أسرد أمامك عزيزي القارئ بعض الأدبيات التربوية وبعض نتائج الدراسات العلمية البحثية لكي أقنعك بأن المدرسة لدينا لم تؤدِ عملها بالمهنية أو الحرفية المتوقعة منها كمؤسسة تعليمية لها رسالتها. يكفي فقط أن تنظر فيما حولك من المظاهر والسلوكيات الفردية والاجتماعية لتجد ما يقودك إلى كشف الخلل العميق في أداء المدرسة لدينا. ولعل أهم مظاهر الخلل في أداء مدرستنا هو عجزها الواضح عن بناء وتأسيس الفكر النقدي التحليلي لدى طلابنا، مدرستنا تقدم لطلابنا تعليما يتجاهل العقل ويتنكر له، وهي بذلك تنسجم مع تراث مطالبة بالمحافظة عليه، وفوق ذلك تميل مدرستنا إلى تدجين وقولبة وتنميط طلابنا وفق مقاس واحد للجميع، وأي طالب يكشف عن فرديته الخاصة يتم إعادته فورا إلى القطيع. ولقد ترتب على هذا التقصير من المدرسة أن تم ابتزاز طلابنا واختطاف عقولهم، ومن ثم توظيفهم كأدوات في معارك كثيرة. من جهة أخرى تستطيع أن تكتشف القصور في أداء مدرستنا بالنظر إلى أجسام طلابنا التي بدأت تترهل بسبب أغذية خاوية، وبسبب جهل مطبق بالتغذية الصحية. كما يمكنك أن تكتشف قصور أداء مدرستنا من خلال تحدثك مع طلابنا، حيث سينكشف لك عندئذ فقرهم المدقع في مفردات لغتهم العربية، وسيتبين لك عدم قدرتهم على نقل أفكارهم للآخرين ومحاورتهم بعبارات سلسة سهلة وواضحة، ناهيك عن هزالة قدراتهم الكتابية. أما عن عدم احترامهم للنظام العام ولنظام المرور، وللبيئة، وسيطرة النمط الاستهلاكي على حياتهم فلا أظن أن أحدا سوف يجادل في صحة ذلك.