د. عبد الله المعيلي
كان أحد وزراء التربية والتعليم من إحدى الدول العربية في زيارة عمل للمملكة العربية السعودية، ومن ضمن برنامج زيارته عقد لقاء مع عدد من المسؤولين في وزارة التعليم، وقد رتب له ضمن برنامج زيارته زيارة الحرمين الشريفين، ووقف على مشروع تكييف الحرمين وعلى مطبعة المصحف الشريف وسقيا زمزم، وعلى مشروعي التوسعة، وفي جلسة العمل الختامية معه في الوزارة، قال: جئت بانطباعات غير سارة عن المملكة، وكان من انطباعاتي أن لقب خادم الحرمين مجرد لقب للدعاية، والآن أعلن أمامكم بكل صراحة وأمانة أنني مخطئ في انطباعاتي كلها، وأشهد شهادة حق أنه لقب مستحق بجدارة لملوك المملكة العربية السعودية، فهنيئًا لكم ما تنعمون به من رخاء وأمن واستقرار.
هذا الإعجاب والثناء والذهول يلحظ لدى كل زائر، معتمر وحاج، الكل مغتبط مسرور مرتاح، ففي الحرمين خدمات جلى على مدار الدقيقة، وفيهما خيرات ونعم وأمن وأمان وهدوء وراحة بال، فهنيئًا لخادم الحرمين الشريفين ولرئاسة الحرمين هذه الجهود الطيبة المباركة التي نجزم أنها من الأسباب الرئيسة لكون هذه البلاد الغالية تنعم بالأمن والأمان، وأنها محفوظة بحفظ الله من كل المكائد ومحاولات التشويه والتشكيك والعدوان من قوى الشر الصفوية والصهيونية، وأذنابهم الدواعش والخوارج.
إننا في المملكة مطمئنون واثقون أنها لن تضار بحال، وستبقى دوحة وارفة الظلال لكل المسلمين، ولن يلتفت قادتها وشعبها إلى طنين الخوارج وأعوانهم المجوس، ولا إلى بغاة القاعدة وداعش، فكل جهود هؤلاء إلى بوار، ولن تزعزع إيمان قادة المملكة وشعبها عن تمسكهم بثوابت الدين الإسلامي، ولا عن وحدتهم وتلاحمهم وتعاضدهم ضد قوى البغي والعدوان، فسر خادم الحرمين وفقك الله ورعاك على نهجك وعلى ثقتك بالله مؤيدًا من شعب يحبك ويدين لك بالولاء والسمع والطاعة، فما تحقق للمملكة وشعبها من خير وفضل لا يمكن التفريط فيه لأي كان من كان، فضلاً أن يكون لدعاة جهنم من مجوس ودواعش وخوارج وغيرهم من المبتدعة الآبقين عن الإسلام وهديه.
ومن أجل تعزيز الانطباعات الإيجابية لدى المعتمرين والحجاج والزائرين عن الحرمين الشريفين خاصة والمملكة بصفة عامة، يجب المحافظة على المكتسبات المتحققة التي تسر الناظر وتعزز انطباعاته الإيجابية عن المملكة، وفي الوقت نفسه معالجة الظواهر السلبية التي تحصل من المعتمرين والحجاج في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
من تلك الظواهر النوم في أروقة الحرمين وبصورة لا تليق بالمسلم ولا بقدسية المكان، ومما يزيد الطين بلة، ما يحصل في العشر الأواخر من رمضان، حيث تمتلئ الأروقة بالمعتكفين، الذين ينامون الواحد ملاصقًا للآخر بصورة غير لائقة، ومع كل معتمر سجادة يحجز بها المكان، ومخدة ولحاف، ينبعث منها روائح كريهة تضايق المصلين.
حشرت نفسي مرة بين أرجل اثنين من المعتكفين النائمين، وقبيل الأذان أيقظتهما للوضوء استعدادًا للصلاة، قاما وأبديا انزعاجها، لم يذهبا للوضوء، قلت لهما لا بد من الوضوء بعد النوم، قال أحدهما: أنا معتمر ولم يذهب للوضوء ولا صاحبه.
لعل رئاسة الحرمين تتبنى منع الاعتكاف والنوم في الدور الأرضي من الحرمين، بحيث يخصص للمصلين والتالين للقرآن، وعلى من يرغب الاعتكاف أن يتوجه إلى الدور الثاني، وحيث حقق توجيه الأمير خالد الفيصل بقصر صحن الحرم المكي على المعتمرين فقط راحة وسعة بدت واضحة للمراقبين، إنه توجيه موفق، يستفاد منه في منع الاعتكاف والنوم داخل أروقة الدور الأول للحرمين الشريفين.