تقول رؤية المملكة 2030: «نعلم جميعاً أن النمط الصحّي والمتوازن يعتبر من أهم مقوّمات جودة الحياة. غير أن الفرص المتاحة حالياً لممارسة النشاط الرياضي بانتظام لا ترتقي إلى تطلعاتنا. ولذلك سنقيم المزيد من المرافق والمنشآت الرياضية بالشراكة مع القطاع الخاص، وسيكون بمقدور الجميع ممارسة رياضاتهم المفضلة في بيئة مثالية. وسنشجع الرياضات بأنواعها من أجل تحقيق تميزٍ رياضي على الصعيدين المحلّي والعالمي، والوصول إلى مراتب عالمية متقدمة في عدد منها.»
لا شك أن هذه الكلمات الطيبات التي تضمنتها الرؤية، تسعد القلب وتبث الأمل وتبعث على الفخر والسعادة وتفجر طاقات العمل والعطاء، لكونها اختصرت عشرات الخطط ومئات البرامج والفعاليات وآلاف الأفكار والمبادرات والمشاريع الخاصة بتنمية وتطوير الرياضة، فهذه الكلمات حملت التأكيد والاهتمام والعناية والرعاية والتشجيع على أعلى مستوى، فالرياضة الآن أصبحت ركناً أساسياً من أركان بناء واكتمال صحة وسلامة المجتمع البدنية والنفسية والاجتماعية بل والتنموية، ولم تعد الرياضة نوعًا من أنواع الترف واللهو واكتساب اللياقة البدنية والمظهر اللافت فحسب، بل أصبحت صناعة كبيرة يستثمر فيها المليارات من الأموال، وأصبحت أحد المؤثرات الأساسية في تشكيل نمط الحياة الصحية والاجتماعية والإنسانية بل والأخلاقية للمجتمعات المعاصرة.
وإذا كان الإسلام قد حثنا على ممارسة الرياضة والتقوّي بها، حيث يؤكد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على أنّ «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير»، فالجسم القوي أقدر على أداء التكاليف الدينية والدنيوية من الجسم الضعيف. كما أن الرياضة تكافح الأمراض وتساعد الجسم على التخلص من الرواسب والفضلات، وتكسبه لياقة بدنية عالية، تملؤه بالحيوية والنشاط، وتشعر الرياضة ممارسها باعتدال المزاج، حيث ترفع من همته ومستوى إقباله على العمل والحياة وتزيد من معدل إنتاجيته ودخله وترفع طاقته وروحه المعنوية، وهو ما ينعكس إجمالاً على رفاهية وسلامة وسعادة المجتمع، ويعود في الأخير على تقدم الوطن وأمنه ورفعته.
والواقع أن الهدف الاستراتيجي الأول الخاص بالرياضة في رؤية المملكة 2030 وهو زيادة عدد الممارسين للأنشطة الرياضية والبدنية بشكل منتظم (بمعدل مرة واحدة في الأسبوع على الأقل) من السعوديين من عمر 15 فما فوق من 13% إلى 20% من السكان بحلول عام 2020، ومنها إلى 40% بحلول 2030، أمر ممكن الحدوث بكل يسر - بإذن الله - في ظل ما نشهده من انتشار الوعي وزيادة عدد الممارسين للرياضة بأنواعها، خاصة من الشباب والرجال، إلا أنّ المرأة ما تزال تنتظر مساحة ومكاناً وأفقاً أفضل لممارسة الرياضة، خاصة إذا علمنا أن نمط الحياة الخاملة قليلة الحركة التي تعيشها المرأة السعودية تزيد من نسبة إصابتهن بعدة أمراض خطيرة منها أمراض القلب والأوعية الدموية، السمنة، السكري، هشاشة وترقق العظام وغيرها، لذلك ليس من الغريب أن تبيّن دراسة حديثة نشرتها وزارة الصحة في عام 2015، أن معدل انتشار السمنة في المملكة بلغ 28.7 %، وكانت أعلى عند الإناث بنسبة 33.5 % مقارنة بـ24.1 % لدى الذكور.
إن بناء مجتمع ينعم أفراده بنمط حياة صحّي، ومحيط اجتماعي تفاعلي إيجابي يتيح العيش في بيئة حيوية جاذبة توفر مستوى عالياً من جودة الحياة، تتطلب تضافر الجهود والتعاون والعمل المشترك لتحقيق أهدافنا ورؤيتنا الوطنية الغالية.
عبد الله بن عبد العزيز البطحي - الرئيس التنفيذي لشركة بيت الرياضة الفالح