«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
اشتدت الحرارة.. ومع ارتفاع حرارة الصيف.. تبدأ الإجازات.. ويبدأ الهرب من الروتين اليومي المعتاد.. ويركض الكثير من الموظفين إلى تقديم طلبات الإجازة.. ومن هنا يبحث الموظف وحتى رجل الأعمال والمواطن محدود الدخل كيف يقضي الواحد منهم الإجازة .. وأين؟ في الماضي كانت الأمور في الأحساء تسير طبيعية.. فليس هناك أمام الناس نظراً لظروفهم الاقتصادية وإمكاناتهم المحدودة إلا قضاء أيام الصيف في ربوع الأحساء.. في بيوتهم الطينية التي تعوّدت عليهم وتعوّدوا عليها وباتت بينهم الفة ما زال الأجداد وكبار السن يتذكرونها رغم ما فيها من معاناة وتعب.. وكانت تستخدم الأدوات التقليدية من مراوح يدويه (مهاف) للتخفيف من الحر والقيظ، والقليل كانت تهرب إلى مزارعها الخاصة (النخل) حيث كانت الأجواء في المزارع أكثر برودة من داخل المدن.. إضافة إلى توفر عيون المياه في هذه المزارع وتلك البساتين.. والتي عادة ما تتوفر فيها البرك الخاصة.. هؤلاء القلة هم الأثرياء والميسورون.. أما العامة فكانت تذهب إلى ينابيع وعيون المياه المختلفة وما أكثرها في الأحساء، والتي أصابت مشاهدتها دهشة باركلي الرحالة الدنمركي قبل مائة عام وأكثر عندما زارها.. بل وحتى الأميرة البريطانية التي زارت الأحساء وقضت فيها عدة أيام.. استمتعت بطبيعة وجمال الأحساء.. كما جاء في مذكراتها. نعم كان يذهب العامة إلى ينابيع المياه.. الحارة.. الجوهرية.. الخدود.. البحيرية.. وعين نجم وعين مرجان وأم سبعة وعين منصور.. وعشرات العيون..حيث الجمال الطبيعي الذي وهبه الله للأحساء، من خلال ما أنعم به عليها من نعم كثيرة تحت الأرض وفوقها، وبالتالي كانت طبيعة الأحساء تشكل منتجعات طبيعية فيها وحولها يقضي أبناء الأحساء أوقاتاً طيبة ما بين السباحة فيها، أو الاستمتاع بالجلوس والاسترخاء حولها تحت ظلال النخيل وأشجار الفاكهة التي اشتهرت بها الأحساء عبر قرون.. من ليمون ورمان وعنب وخوخ ومشمش والبطيخ بأنواعه.. والتوت.. والترنج.. ولا يمكن أن ينسى الرطب ملك الصيف المتوج والذي ينافس بعضه بعضاً من تعدد أشكاله وأنواعه وحتى مذاقه.. وهناك من يذهب إلى شاطئ العقير حاملاً معه خيمته وأدوات ولوازم تخييمه.. ولكن في السنوات الأخيرة ومع التطور بات يهرب أبناء الأحساء إلى المناطق الباردة داخل المملكة وخارجها.. والقليل من يذهب إلى شواطئ الأحساء العقير وسلوى.. نظراً لنقص الخدمات في بعضها كما هو الال في سلوى.. لقد طورت أمانة الأحساء الشاطئ وأوجدت فيه العديد من المظلات والخدمات لكن وحتى تتكامل الصورة ويكون شاطئ العقير.. شاطئ جذب وفاعلية أكثر بحاجة للمزيد من الخدمات. ولاشك أن الأحساء ومواطنيها في انتظار تنفيذ المشاريع الموعودة، والتي يأتي في مقدمة أهم المشاريع السياحية، مشروع شركة تطوير العقير التي تم توقيع عقد تأسيسها في محافظة الأحساء نهاية العام الماضي كشركة مساهمة مقفلة برأس مال قدره (2.71) مليار ريال، ويمثل المشروع البداية الفعلية للاستثمارات في المشاريع والوجهات السياحية المتكاملة وتطوير البنية التحتية والأساسية للسياحة، ويتم حالياً العمل في إجراءات ترخيص وتسجيل شركة تطوير العقير. وستكون العقير الوجهة الترفيهية الأكثر تكاملاً في المملكة بعد اكتمال مرحلة التطوير الأولى مزوّدة بـ(2600) وحدة سكنية مفروشة و(2900) غرفة فندقية، بالإضافة إلى مرافق الترفيه، إلى جانب تنفيذ سلسلة من الفعاليات التي ستجعل منها قلب العقير النابض. وتجدر الإشارة إلى أنه قد اعتمد موقع العقير كمنطقة تنمية سياحية لما يمتلكه من خصائص تاريخية وطبيعية مميزة، فهو أول مشروع كبير تتبنّاه الدولة في قطاع السياحة، كما أنه يتمتع بميزة سهولة الوصول إليه من الأسواق السياحية المستهدفة والأهم حاجة السوق السياحي السعودي لهذا المنتج السياحي المتكامل، حيث تتسارع عجلة التطوير يوماً بعد آخر في شاطئ العقير، الشاطئ البكر الذي جمع بين التاريخ والطبيعة الخلابة، وتمضي أمانة الأحساء وبدعم من القيادة وبمتابعة من هيئة السياحة والآثار لإنجاز هذه المشاريع وتلك.