الثقة بالله تعالى هي روح التوكل ولبُّه، وهي تقتضي الرضى بأحكام الله وأقضيته، إذ لا مرد لقضائه سبحانه ولا معقب لحكمه، فأهل الثقة بالله تعالى هم أكثر الناس رضاً وتوكلاً على الله، وأكثرهم اطمئناناً وسعادة في الدنيا. وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم أعظم الناس ثقة بربه، ففي أشد المواقف كان ثابت الجنان، قوي الإرادة، شديد التمسك بالحق، لا يخشى الباطل، ولا تؤثر فيه صولته ولا يتزلزل قلبه من كثرة المخالفين وقلة المؤمنين. ولقد وقفت البشرية ضده صلى الله عليه وسلم فوقف موقف الواثق بالله فأيده الله، وقد صاحبت هذه الثقة التامة بالله جل وعلا النبي صلى الله عليه وسلم في جميع مراحل دعوته، وهي التي جعلته يعد سراقة - وهو طريد- سواري كسرى وتاجه، ويبشر أصحابه بكنوز كسرى وقيصر في غزوة الأحزاب وهو في موقف المدافع عن نفسه وكل ذلك بوحي من الله مع ثقة تامة بوعده سبحانه.
إن الثقة بالله تعالى هي التي جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبرم عقد الحديبية على كراهة من أكثر أصحابه. إن الثقة بالله تعالى هي التي جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام دون حراسة، لأن الله قد تولى حفظه {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}. إن الثقة بالله تعالى هي التي جعلت النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أمته بأن ملك أمته سيبلغ مشارق الأرض ومغاربها.
إن الثقة بالله تعالى تورث العبد الراحة والرضى والطمأنينة وتمام الإيمان أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه وبها تحصل الهداية والسعادة القلبية كما قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}.
- المشرف على كرسي المهندس عبد المحسن الدريس للسيرة النبوية بجامعة الملك سعود
adelalshddy@hotmail.com