أحمد المغلوث
كانت حرارة الطقس مرتفعة جداً يكاد مؤشرها يقفز من مكانه، عض ثوبه راكضاً إلى المطار ومتسللاً إلى أي مدينة باردة في الداخل أو الخارج فرغم أنه موجود داخل السيارة وهي مكيفة إلا أنه يشعر بأنه وكمؤشر حرارة ترتفع أحشاؤه وينضح من جسده العرق. قبل أن يشير إلى الدرجة المسؤول عن إبرازها للناظرين.. تساءل يا ترى ماذا سيقولون؟ لو أنني قفزت من السيارة وهربت بجلدي من حرارة الشمس.. لا شك سوف يسخرون مني (طالع من السيارة بهذه الصورة). مؤشر حرارة ولا يتحمل ها هم مئات الآلاف من سكان المنطقة يكابدون هذا الارتفاع ويتحملون وهج الشمس الحارة حامدين وشاكرين أن الله أنعم عليهم بوجود المكيفات والمياه الباردة داخل بيوتهم.. صحيح أن تشغيل مكيفاتهم الذي بات في وضع تشغيل ليل نهار يكبدهم الكثير من المال لسداد فواتيرهم الضخمة. ومع هذا يركضون سريعاً لسدادها فلا بد مما ليس منه بد. ولا بد من السداد. وإلا، آه من وإلا. هنا أكيد سوف يقطع التيار فشركة الكهرباء (ما عندها يمه ارحميني).. أف.. أف.. رددها أكثر من مرة أحس بالعرق ينضح من جبهته. وأحسه ينساب على وجهه. الجو حار وخانق.. وصاحب السيارة الآن ينعم بالهواء البارد داخل بيته وهو (ملطوع) في عز الشمس داخلها التي باتت أشبه بفرن. شعر بصوت قريب. مد رأسه قدر استطاعته ليشاهد صاحب هذا الصوت. يالله أنه عامل النظافة بلباسه البرتقالي كان يعمل بخطوات وئيدة وعصاه تلتقط المعلبات ومخلفات أصحاب السيارات الذي أوقفوها بجوار بيوتهم أو شققهم لكنهم للأسف فهم حال إيقاف سياراتهم أخرجوا مخلفاتهم ورموها أسفل السيارات بدون إحساس بأنهم يشاركون في التلوث البيئي بصورة مباشرة.. والعجيب أن العديد منهم على قدر كبير من التعليم بمعنى أنه تعلم وسائل التوعية الصحية وأهمية النظافة.. تراءت له صورهم وهم يرمون المخلفات تمنى لو كان باستطاعته تصويرهم. ونشرها في (مواقع التواصل الاجتماعي) على فكرة لو وجدت في كل شارع رئيسي وفرعي كاميرات مراقبة ترصدهم. فسوف يتوقفون عن ممارسة هذه العادة القبيحة الممجوجة التي تشوه البيئة وجمال الأحياء! أيها العامل المكافح في هذا الجو الحار واللاهب تعمل عملاً شريفاً. والعرق ينساب على جبينك وجسدك.. ما أروعك من إنسان مكافح من أجل لقمة عيش شريفة. هنيئاً لك وبارك الله فيك.. فالله سبحانه وتعالى يبارك في العمل الشريف مهما كان متواضعاً.. أحس بأنفاس الشارع الحارة تكاد تلسع وجهه ووجهالعامل. ومع هذا ما زال يواصل عمله. ها هو هذا العامل البسيط يمنحه درساً مجانياً وجواباً شافياً عن تساؤلاته وحتى تذمره من الحر والقيض.. ليحمد الله فهو على الأقل داخل السيارة. أما العامل فها هو يعمل مباشرة تحت الشمس.. هل هناك أوضح وأصدق من هذه الإجابة من خلال هذا المشهد.. شعر المؤشر بأنه بالغ في مشاعره ويجب عليه في هذه اللحظات أن يحمد الله أن له دوراً في هذه الحياة من خلال تقديم المعلومات الدقيقة والحقيقية عن دراجة الحرارة بدون تذمر أو ضيق..!
تغريدة: من أعظم مصادر القوة أن يفخر البعض بما يفعلون في خدمة الغير كما هي حال عامل النظافة ومؤشر الحرارة.