فواز السيحاني
وإن اتفقت جميع الدول بشعوبها مع ما قاله ألبير كامو: «لسنا ننشد حياة لا يُقتل فيها أحد، بل حياة لا يمكن فيها تبرير القتل»؛ إلا أن إيران تسير بجانب هذه الجملة بأقل درجات النزاهة الإنسانية. إنها على استعداد تام أن تبرر كل الدم الذي يحدث في العالم كي تنمو شجرتها الصفوية على جثث الأبرياء في المناطق المجاورة؛ ولهذا السبب فإن «داعش» ومن قبلها «القاعدة» يمثلان البندقية الأكثر صدقًا لنظام الملالي تحت شعارهم المزيف: (الجهاد لتحقيق الخلافة والعدالة الإسلامية) الذي يتحد مع الفكرة التي كانت الثورة الخمينية تروِّج لها سابقًا: (حرية... استقلالية... في دولة إسلامية). لكن المحزن حقيقةً هو أن بعض المحليين العرب ينفون الصلة الوثيقة بين: «داعش، القاعدة، إيران»؛ مما يجعلني أذكّر أولئك الساسة ببعض الدلائل المهمة التي تعطي إشارة واضحة في أن الأشرار وكما يقول المثل الإنجليزي: (يعرفون بعضهم جيداً وعن ظهر قلب):
«داعش + القاعدة» هما حركتان جهاديتان متطرفتان تتخذان من النص الديني «القرآن، السنة» مرجعيةً لها وفق تأويلها الخاص والذي يأخذ طابعاً دموياً في أغلبه - هذا على مستوى القيادة -، أما على مستوى الأفراد فإن المنتمين لهذين التنظيمين وكما يذكر المتخصص في شؤون التطرف «أوليفييه روي « يحركهم ما يُسمى بـ «الجهل المقدس» والذي يعني أن ليس لديهم أي محتوى عن الثقافة الإسلامية بل لم يكونوا في الأصل من رواد المساجد. أضف إلى ذلك أنهم مدمنون للمخدرات في السابق ومن العينات التي تؤيد ما قاله أوليفييه: «يوسف الغامدي»، «أبو ثامر الشاطري» صاحب المقطع الشهير «يا عاصب الراس وينك»، «الحميد أبو عود» المنفذ لهجمات باريس و «صلاح عبد السلام» وآخرون لا يمكن حصرهم كانوا مدمنين للمخدرات بل مروجون لها.
يزعم البعض من أولئك المحللين أن «داعش» هي تيار سني متطرف في حين أن إيران صفوية تتخذ من التشيُّع وسيلة للانتشار وهذا تضارب في المكون الديني بين الطرفين؛ مما يُقلل من احتمالية دعمها للحركات الجهادية السنيّة؟؛ إلا أن الوقائع تدحض هذا المنطق السطحي فإيران قد دعمت حماس المحسوبة على التيار السني، وشكّلت ملجأً آمناً للكثير من رموز القاعدة «كسيف العدل» وهو القائد الأعلى للجنة الأمنية في التنظيم و»حمزة بن أسامة بن لادن»، كذلك «أبو حفص الموريتاني» الذي أثنى كثيرًا على الكرم الإيراني أثناء لجوئه هناك.
لسنا مهووسين بنظرية المؤامرة؛ كما يفترض بعض المحللين ولا نلقي بأخطائنا الدينية على الآخرين؛ ومن يقول ذلك نسيَّ أن: (القاعدة، داعش، إيران) يعتبرون «المملكة» هي العدو الأول ولكلٍ منهم مطامعه التوسعية المعلنة بعد استخدام كلٍّ منهم للغطاء الثوري والجهادي كما أن شهادة الجولاني زعيم «جبهة النصرة» بأن داعش تقاتل بجانب الحرس الثوري والجيش الأسدي أكبر داحض لهذا الافتراض.