ثامر بن فهد السعيد
أثارت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية الجدل في المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي بعد أن صرح مدير المركز الإعلامي بالوزارة عبر وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي عن دفع الوزارة لمشروع إقرار إغلاق المحلات التجارية في المملكة عند الساعة 9 مساء, حيث شهد هذا الإفصاح تفاعلاً ملحوظاً من الجمهور وهم من يمسهم هذا القرار بشكل مباشر. وأوضحت الوزارة أن هذا القرار في طور الدراسة وإقامة ورش عمل لدراسة أثار القرار سواء على المحلات أو الأفراد المستفيدين من خدمات هذه المحلات. لا شك أن دفع الوزارة هذا القرار للدراسة من الممكن أن يؤخذ أنها بمثابة ارتياح المشرع لإقرار النظام.
من المعلوم أنها ليست الأولى التي تصرح فيها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عن نيتها تغيير موعد وساعات العمل في قطاع التجزئة والمحلات التجارية في المملكة فقد سبق وأن صرحت الوزارة مطلع العام 2015 عن نيتها هذه إلا أنها الأولى التي تشير فيها الوزارة رفعها لمشروع النظام هذا, خصوصاً وأن الوزارة أمامها تحديات كبيرة بغية تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 فالوزارة وضعت على رأس أهدافها توليد 1,2 مليون وظيفة لاستيعاب الطلب العالي على الوظائف الجديد كوننا في المملكة نعد مجتمعاً تتجاوز نسبة الشباب فيه 60 % من تعداد المواطنين. المتابع لسوق الوظائف حاليا في المملكة وتحديدا في قطاع التجزئة وهو أحد أهم القطاعات المستهدفة لتوليد الوظائف يجد أنها لم تنجح حتى الآن في استقطاب الشباب إليها رغم مشاهدتنا دخول الكادر الوطني إلى هذا القطاع بتسهيلات قدمها القطاع مثلاً خفض عدد ساعات العمل إلى 5 ساعات مع الإبقاء على يومين كعطلة أسبوعية للعاملين بالإضافة إلى الدوام المرن ومحفزات أخرى قدمها القطاع كالمحفزات البيعية ورغم ذلك لا زال هذا القطاع بعيدا على الهدف المرجو منه في توليد الوظائف وتوطينها.
عندما بدأت البنوك تطبيق نظام العمل بفترة واحدة بعد أن كانت تعمل لفترتين واجه القرار رفضاً من المتعاملين مع البنوك لتعارض ذلك مع ساعات دوامهم إلا أن المجتمع تأقلم مع هذا التغيير, مقاومة التغيير أمر طبيعي فالتأقلم على كل شيء جديد يتطلب وقتاً بطبيعة الحال, إلا أن هذا المشروع الذي دفعت به الوزارة للدراسة وقياس الرأي يغطي جوانب متعددة في حال إقراره انطلاقا من ملائمة العمل لشريحة واسعة من الشباب بحكم طبيعة المجتمع السعودي وأيضا فإن لهذا القرار أثره الأمني أيضا في المراقبة والمتابعة الأمنية وتقليص حجم الخروقات الأمنية التي تتعرض لها هذه المحال. إلا أنه بطبيعة الحال فإن لكل أمر سلبيات وإيجابيات تحيط به قد يكون هذا القرار أكثر ملاءمة لأصحاب المحلات الذين يقومون هم على تشغيلها والعمل فيها وسيؤثر بالجانب الآخر على مقدرة من يبحث عن إيجاد مصادر دخل إضافي تساعده في تحمل أعباء الحياة ونفقاتها, أيضا ففي حال تطبيق هذا القرار فإنه من الضروري النظر إلى قطاع الترفيه بكل تفاصيله بمنظور منعزل عن الإغلاق المبكر كالأندية الصحية الرياضية, المطاعم ولأننا اليوم نشهد نقصا في مناطق ومحلات الترفيه فإن منظورنا مثلا للمراكز التجارية اليوم يجتمع فيه الترفيه وقضاء الحاجيات بل حتى أن تصاميم المراكز التجارية الجديدة أصبحت تنهج النهج الترفيهي فالأهم أن تتمكن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية الموازنة بين إصلاح بيئة القطاع بمثل هذا التنظيم والحفاظ على صورة الترفيه فيه. هذا النظام معمول به في دول عديدة عالميا إلا أنها في غالبيتها لا تختلط فيها التبضع بالترفيه مثل ما يجتمع هذا لدينا هنا.