أحمد بن عبدالرحمن الجبير
خلال شهر رمضان المبارك، شهدنا ازدحاماً مرورياً كثيفاً، بعضه بسبب الاستعجال وعدم الصبر، ونجم عن ذلك سلسلة من الحوادث المروعة، والانفعالات غير اللائقة، وبعض الممارسات التي ليس لها بالدين أو التربية والخلق الكريم، وظل البعض يمارس طقوساً رمضانية باستعجال كالذهاب إلى تناول الإفطار قبل ربع ساعة من موعده، ويلزم ذلك شيئاً من السرعة وعدم الانضباط.
وقد نجم عنها حوادث مريعة، وبعضهم للأسف، يهرب من المواجهة تاركاً خلفه سائقاً أو مواطناً آخر أصيب بفعل السرعة الجنونية، دون خوف من الله، ودون الربط ما بين قيم الصيام، والسلوك اليومي، لدرجة التناقض السلوكي المثير للاهتمام، والملفت أن البعض يمارس نوعاً من الطيش والرعونة، والرغبة في الانتقام من الآخر، ويعتبر ذلك جزءاً من القوة، لكنها سلوك غير حضاري وسلوك متخلف، ندفع ثمنه يومياً.
حوادث، ومركبات محطمة، وقتلى وإعاقات دائمة، وخسائر بالمليارات، حيث تؤكد منظمة الصحة العالمية أن حوادث الطرق تقتل أكثر من 1.5 مليون نسمة سنوياً، وتؤدي إلى إصابة 50 مليوناً بالإعاقة على مستوى العالم بتكلفة 100 مليار دولار سنوياً، ويعتقد أن 80 % من أسباب الحوادث المرورية على قائد المركبة لعدم التزامه بأنظمة وتعاليم المرور، والنسبة الباقية على سوء تنفيذ الطرق، والأخطاء الهندسية في التصميم، وكثرة الحفريات والتحويلات العشوائية.
ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - للتصدي لمشاكل الحوادث المرورية، إلا أن المملكة تفقد سنوياً أكثر من 7 آلاف شخص بسبب الحوادث المرورية، وهناك أكثر من 40 ألف إصابة 50% منهم يعانون من إعاقات دائمة، وقد قُدّرت الخسائر المادية المباشرة الناتجة عن الحوادث المرورية في المملكة بمبلغ يزيد على 50 مليار ريال سنوياً، وهذا المبلغ يؤثر جداً على اقتصادنا الوطني.
فالسلوك الخاطئ للسائق وقطع الإشارة والسرعة الزائدة، والانشغال بالجوال، وقيادة المركبة تحت تأثير المسكرات، وعدم اتباع الأنظمة واللوحات الإرشادية تأتي في مقدمة أسباب الحوادث المرورية في بلادنا، كما أنها تؤدي للحوادث القاتلة وآثار شديدة على الاقتصاد الوطني، وضياع للموارد البشرية، وارتفاع في معدلات الوفيات، وتزايد في عدد المصابين والمعاقين، وزيادة في تكاليف العلاج الطبية والمتابعة الإدارية وتلف في المركبات والممتلكات، وخسائر لأصحاب العمل، وشركات التأمين، وفقدان لرب الأسرة، وأيضاً نشوء الأزمات والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية.
لذا نأمل من إدارات المرور وأمن الطرق في جميع أنحاء المملكة، أن تتضافر الجهود للحل السريع للمشكلة، والحرص على تواجد رجال المرور وأمن الطرق في جميع الطرقات، وعند الإشارات الضوئية، وعدم الاعتماد على نظام ساهر فقط، ويفترض نشر الوعي المروري في كل مكان، وتعريف قائد المركبة بأنظمة وتعليمات المرور، ومنحهم برامج علمية عن الحوادث المرورية عبر وسائل الإعلام المختلفة، من صحف وإذاعة وتلفزيون، وشبكات تواصل اجتماعي لتصل لأكبر عدد ممكن من المجتمع.
وعلى المواطن والمقيم التقيد بتعاليم المرور، واحترام الأنظمة، وآداب الطريق، واحترام المشاة وعدم تجاوز السرعة المحددة، أو قطع الإشارة الضوئية، أو التجاوز الخاطئ أو العبث والاستهتار بأرواح الآخرين، ويفترض من جميع المواطنين، والمقيمين أن يتحملوا المسؤولية ويبلغوا عن المستهترين وبخاصة الشباب المتهور، ومن يخالف الأنظمة والتعاليم المرورية بأسرع وقت ممكن من أجل سلامة وأمن الجميع.
كما يجب الإسراع وإنجاز أعمال النقل الجماعي والمترو، والنقل عبر القطارات في جميع مناطق المملكة من خلال خدمات متطورة، والعمل على نشر الوعي لجذب المزيد من المواطنين والمقيمين والزوار والسائحين وتشجيعهم على استخدام وسائل المواصلات العامة من خلال حافلات أكثر تطوراً وأماناً، ودعم قطاع النقل المدرسي، وتنظيمه لضمان نقل آمن لجميع الطلاب والطالبات عبر إلزام المدارس بمواصفات خاصة للحافلات المدرسية.
وعلى إدارات المرور وأمن الطرق ووزارة النقل والبلديات والجهات المعنية التنسيق فيما بينهم والقيام بمسؤولية التخطيط، والتصميم والتنفيذ والصيانة لجميع شبكات الطرق في المملكة والقضاء على الأخطاء الهندسية والتحويلات والحفريات العشوائية، وإزالة الصبات الأسمنتية ووضع البرامج المرورية والمعايير الفنية والتثقيفية، وتطوير القوانين والأنظمة والتشريعات المرورية وإنشاء جسور للمشاة لضمان سلامة المشاة والعابرين، ومن أجل حركة مرور انسيابية بما يضمن طرقاً سهلة، وميسرة وآمنة للجميع.