إبراهيم السماعيل
ما زالت وسائل الإعلام المختلفة تتحدث عن مذكرة اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير الصادرة قبل سنوات من محكمة الجنايات الدولية بتهم تتعلَّق بما أسموه بجرائم ضد الإنسانية في دارفور، مشيرةً إلى أن هذه المذكّرة تعتبر سابقة في القانون الدولي من حيث صدورها ضد رئيس دولة عضو في الأمم المتحدة وما زال في السلطة، وقد استندت المحكمة الدولية في إصدار هذه المذكرة التي تعتبر سابقة كما أشرنا إلى أدلة أقل ما يُقال فيها أنها قابلةٌ للنقاش، كما لا يخفى أن المحرك وراء هذه القضية هي الدول الكبرى. (وهذا ليس دفاعاً عن البشير).
لكن العجيب أن هذه المحكمة لم تكلّف نفسها عناء البحث الجدي في إمكانية النظر بجرائم بشار الأسد وعصاباته الطائفية التي تتقزّم أمامها جرائم البشير المزعومة إلى درجة التلاشي، كذلك فإن جرائم العصابات الأسدية وحلفائها من الطائفيين الشيعة لا تحتاج إلى أدنى جهد في العثور على أدلتها كما هي الحال في قضية البشير المشكوك في صحتها، حيث إن جرائم الأسد وإيران وأذنابها من الشراذم الطائفية الشيعية وروسيا في سوريا موثّقة وبأدلة واضحة تنقل على الهواء مباشرة منذ بداية ثورة الشعب السوري ضد الطغيان ليس لمحكمة الجنايات الدولية فقط، بل لكل سكان المعمورة..!!
لن أتحدث هنا عن جرائم إيران وأذنابها من الطائفيين الشيعة في العراق واليمن ولبنان والتي أيضاً لا تحتاج إلى أدلةٍ لإثباتها لشدة وضوحها ولن أتحدث كذلك عن جرائم نظام الملالي المتعفّن في الداخل الإيراني التي تغاضت عنها عدالة هذا العالم عمداً على الرغم من وضوح أدلتها، لكني سوف أقصر حديثي اليوم على الجرائم المروّعة والبشعة التي ترتكبها عصابات الأسد وكل حلفائها من فرس وروس وعصابات طائفية بغطاء ودعم ومباركة من إسرائيل ومن الدول الكبرى، حيث يتضح لنا بشكلٍ صارخ نفاق وازدواجية المعايير، بل تآمر هذا العالم المنافق حيال تعريف الجرائم ضد الإنسانية والذي يبدو أنه مطاط (Free Size)، فقد احتل الأمريكان العراق بأدلة كلها كاذبة بلا استثناء ثم سلّموه لإيران وعملائها من الطائفيين الشيعة، ومنعوا تسليح المعارضة السورية المعتدلة بالسلاح المناسب لأسباب كلها كاذبة، بل تآمروا مع عصابات الأسد في أسلمة الثورة السورية وإدخال الإرهاب لهذه الثورة لتشتيتها وإفشالها وما زالوا يعملون على إفشال هذه الثورة بكل الوسائل وآخرها إخضاع تركيا أحد الداعمين الأساسيين للثورة السورية، وفي المقابل سمحوا بتدفق السلاح وعشرات آلاف الإرهابيين الشيعة لدعم عصابات الأسد بلا حدود وتغاضوا بالأفعال لا بالأقوال عن الدعم الروسي لهذه العصابات والذي كان حاسماً في منع أو تأجيل سقوطها كل هذا الإجرام والتآمر الدولي أدى إلى ما نراه الآن من جرائم بشعة ومروّعة تقشعر لها الأبدان أين منها أهوال الحرب العالمية الثانية التي شاهدنا في الوثائقيات ما أحدثته من دمار شبه كامل للمدن الأوروبية وخاصةً الفرنسية والألمانية، والتي كانت حرباً بين دول وجيوش بينما في الحالة السورية فإن جيشاً، بل جيوش تشن حرب إبادة بكل أنواع الأسلحة والمحرم منها تحديداً مضافاً إليها حقد طائفي وحقد عرقي فارسي واضح.
إن ما نراه اليوم من جرائم في سوريا ترتكبها هذه العصابات وحلفائها بغطاء دولي تتقزّم أمامه كل الجرائم التي سبقته ليس في دارفور وحدها، بل في كل مكان على هذا الكوكب.
إن إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرة التوقيف بحق الرئيس السوداني دون دليل واضح وترك المجرم الحقيقي طليقاً، بل ودعمه ودعم شرعيته لمنع سقوطه هي أكبر دليل على وقاحة ولا إنسانية وزيف عدالة هذا العالم الذي يتشدق بالدفاع عن حقوق الإنسان.
وقد انطبق بحق على عدالة هذا العالم الزائفة قول الشاعر....
من أعجب العُجب أن تأتي لمحكمةٍ
فتُلفيَنَّ على الكرسي مأبونا
يقضي على شاربٍ كأساً فيحبسه
والحبس لو أنصفوا أولى بقاضينا