ميسون أبو بكر
قبل سنوات انتشرت حالات الصرع بين الأطفال والمراهقين في أمريكا، وعزت الدراسات والاستطلاعات السبب وقتها إلى إدمان تلك الفئة على ألعاب (البلي ستيشن)، وطالب الكثير من الأمريكان إغلاق تلك المحلات التي انتشرت بكثرة والتي يقصدها المراهقون الذين ظهرت أيضاً في تصرفاتهم بوادر عنف.
كذلك أفلام الرعب الأمريكية ومصاصي الدماء والتي بتّ أحرص على تقصيها ومتابعة ما استطعت منها لمقارنتها اليوم بجرائم والعنف حول العالم ووسائل التعذيب التي يتبعها التنظيم الإرهابي داعش، يجعلني لا أستغرب مِمَّن انضم من أوروبا وأمريكا لتنظيم داعش بالمئات من الرجال والنساء في مشهد مفجع وغريب ومثير مما ألقى ببواخر من الأسئلة على موانئ الدهشة؛ وأعيد النظر في الآراء التي تقول إن مناهجنا هي السبب.
لم يكن سعد أو صالح أو خالد وغيرهم من الشباب السعودي الذي روّضت داعش الإلكترونية فكره للقيام بالجرائم المفزعة التي قام بها من مرتادي المساجد أو النجباء الذين تفوقوا في دراستهم وحفظوا تلك المناهج التي يتهمها البعض بأنها السبب، ومنهم من لم يؤدِّ ركعة واحدة في المسجد بشهادة الإمام والجيران، لأنهم لو كانوا في صفوف الجماعة لكان هناك ولو القليل من الشك أن جرائمهم تلك نتجت عن تعصبهم الديني أو تطرف أفكارهم أو الدافع لمعاقبة من حولهم ممن يتعارضون مع ما تلقوه في صفوف الدراسة.
درست المناهج لأبنائي من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية ولم أجد فيها أكثر من غلو بالتفاصيل التي تثقل على الطالب ولا داعي لدراستها بالشكل المفصل الذي قد يحتاج أحياناً إلى مختص متمرس للإلمام فيها، ولا أدعي أن تلك المناهج لا تحتاج إلى إعادة نظر ومختصين لمراجعتها وتغييرها بما يتناسب مع الفكر الذي لا بد أن يحمله الطالب لمواجهة العالم والاندماج فيه كعضو فعال وحصين من لوثة العصر والإرهاب.
قد يتطلب النظر أيضاً إلى إعداد المعلم والانتباه إلى فكره وتوجهاته وأدواته التي يستخدمها مع الطلاب وإلى التأكد من كفاءته وتقيده بالمنهج المدرسي دون إضافة توجهاته الخاصة للطلبة، فقد عانيت شخصياً وهناك تجارب مماثلة لغيري من معلمين مغالين في الجوانب الدينية أو الأصح التزام بعادات وتقاليد وقناعات ليس لها في الدين مرجع أو أساس.
العوامل الحقيقية لدعشنة أبنائنا واضحة اليوم في ظل ما يتربص بعالمنا العربي بشكل عام والمملكة بشكل خاص ولعل هذا لا يخفى على أحد...
فالتأثير من خلال الخلايا والرؤوس المدبرة والتخطيط الشيطاني من الرافضة المجوس في إيران وسوريا وحزب الشيطان مستخدمين الرباعي المسموم؛ المخدرات والألعاب الإلكترونية والاستراحات الفارغة وضعف الوازع الديني الحق لعله هو الأساس الذي لا يجب أن نغفل عنه.
فالمحاولات المسعورة لإدخال المخدرات بطرق شتى والإصرار على إغراق السوق بها والمصانع التي تحد المملكة من جهات عدة تشهد على فعالية المخدرات في سلب الإرادة من الشباب ودعشنتهم بسهولة وإخضاعهم لمآرب المريد بمملكتنا شراً.
داعش الذي فشل مع السعوديين ولم ينجح بالنتائج التي كان يأملها يلجأ للمقيمين، ومحاولة مقر القنصلية القديم في جدة أكبر دليل.
كلنا وطن.. لا نرتضي المساس بأمنه، ونحن شركاء في حمايته بالطرق التي يتقنها كل فرد منا، وكلنا مسؤول أمام الله فلا يكن ما نشهد سبباً في زعزعة ثقتنا وأمننا وتوجيه الاتهامات لبعضنا البعض.