القصيم هذه المنطقة الوادعة الآمنة، ذات التاريخ المجيد والمجد التليد التي تبسط مساحتها على أكثر من أربعين ألف كيلو متر مربع، وتتناثر على أديمها الأخضر الممراع مئات البلدات والقرى والأرياف، تحتضن خمس عشرة محافظة عامرة ومزدهرة بالحياة والسكان والتطور، بجانب قاعدة المنطقة الإدارية -مدينة بريدة.
يصل تعداد سكان المنطقة في الوقت الحاضر -على أقل تقدير وبلا مبالغة- إلى مليون وثمانمائة ألف نسمة، وأهم من ذلك كله سجل تاريخها الحافل قديماً وحديثاً، فقد كانت مسرحاً للبطولات والزراعة وميادين العلم والقضاء والقطاع العسكري وفي الطب والعلوم والآداب وإرساء العمل الإداري وتطويره في الأجهزة الحكومية المختلفة وبالأخص منذ عهد التأسيس والوحدة على يد المؤسس الباني وحتى اكتمال هذا الكيان الشامخ المهيب وما وصلنا إليه من تقدم وازدهار ورخاء وإخاء.
ومنذ توحيد المملكة واستتباب الأمن فيها بمساحتها الشاسعة التي تشبه القارة تعاقب على منطقة القصيم وهي من كبريات المناطق الرئيسية نخبة مختارة من الأمراء كحكام إداريين معظمهم من الأسرة المالكة الكريمة، كانوا ونقولها كلمة حق للتاريخ وللأجيال بسيرتهم العطرة وإخلاصهم المعهود المشهود مثال الأمراء النبلاء والمسؤولين الأوفياء الأمناء بادلتهم المنطقة بسكانها حاضرة وبادية حباً بحب وولاء بولاء تحت راية التوحيد عقيدة ووطناً.
دارت بخلدي هذه المشاعر النابعة من القلب وأنا أستعرض وأتابع وأقلب صفحات تاريخ هذه المنطقة على مدى قرن مضى وأقف إلى ما وصلت إليه في الوقت الحاضر الزاهر حيث تعيش أزهى أيامها عندما وفقت إلى أمير شهم همام يترسم خطى أسلافه في الحضور الفاعل والجهد المتواصل، يعيش كأحد أبناء المنطقة الحريصين على نمائها وازدهارها يزرع الأمل ويخلص في العمل، ذلكم هو صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز. لقد كسب ثقة ومحبة الجميع بتواضعه المشهود يرعى المناسبات ويلبي الدعوات ويتبسط بالحديث ويسهر على متابعة الكثير من المنجزات في زيارات شبه يومية في أنحاء المنطقة، وباختصار فهو فأل خير وطالع سعد بدليل أنه يطبق في تواصله مع أبناء هذه المنطقة في إبداء الرأي والمشورة سياسة الباب المفتوح والقلب المفتوح والحوار المفتوح، وهو كما لا يخفي صاحب ومؤلف الكتاب الشهير (المجالس المفتوحة والمفهوم الإسلامي للحُكم)، وهو كما أظن رسالته الرصينة لنيل شهادة الدكتوراه. ومن هذا المنطلق وكختام لهذه السطور المتواضعة فإنني أعرض وباختصار بعض المقترحات العامة والتي أعتقد أنها لا تغرب عن تفكير وحرص سموه واهتمامه كما عودنا وهي على النحو التالي:
1- منطقة القصيم متباعدة الأطراف تتكون من خمس عشرة محافظة، وبما أن جامعة القصيم الوحيدة مزدحمة جداً، وتقع في جزء من شرق المنطقة حبذا أن يكون لها فرع متكامل كرديف في المحافظات الغربية يخفف العبء عنها ويكون نواة لجامعة الرس الموعودة بما يحقق الراحة والأمن والأمل لآلاف الطلاب والطالبات الذين يقطعون مئات الكيلو مترات يومياً ذهاباً وإياباً، وأهم من ذلك أن تكون الكليات علمية حيوية كالطب والهندسة وأنظمة الحاسب الآلي تحقق طموحاتهم بدلاً من بعض الكليات النظرية المتناثرة المكررة التي يظل طلابها بعد التخرج بلا عمل ولا أمل.. بل فراغ وعوز وملل.
2- هنالك المجالس البلدية ومعها المجالس المحلية في بعض محافظات المنطقة كنا نعلق عليها وعلى أعضائها بعض الآمال في تحقيق المهام والواجبات المنتظرة منها وقامت من أجلها، ولكن أقولها بكل صراحة وأمانة إن واقعها الرتيب وخطواتها المتواضعة لا تختلف كثيراً عن صمت القبور، أي بلا صوت ولا صدى، حتى أن الكثير من المواطنين مع مرور الأيام لا يعرف حتى أسماء أعضائها من المرشحين أو المنتخبين.. حبذا أن يكون الترشيح أو الاختيار وفاعلية الاستمرار بعضويتها خاضعاً للتقييم والتقويم لتكون هذه المجالس فاعلة ومؤثرة ومثمرة.
والله من وراء القصد.