د. محمد بن إبراهيم الملحم
التعليم الأهلي رافد مهم للتعليم، وتؤمن وزارة التعليم أن التعليم الأهلي يشاركها ويخفف جزءا من العبء الكمي ويضيف إلى الناتج النوعي بما يقدمه من خبرات تعليمية جيدة يصل بعضها إلى التميز ويحاكي مستويات المدارس العالمية المتقدمة. أهم ما يميز المدرسة الأهلية مبانيها الجيدة وما بها من إمكانات وتجهيزات تعليمية حديثة ومتنوعة تجعل منها للمعلم بيئة مساعدة لعطاء مثمر وأداء فعال وللطالب بيئة جاذبة تخلق عاملي الحب والانتماء لمدرسته.
تشرف وزارة التعليم على نوع معين من المدارس الحكومية حظيت بنفس المستوى من المباني والتجهيزات وهي تلك التي بنتها شركة أرامكو السعودية، وقد استمرت طوال العقود الماضية مهبط أفئدة أولياء الأمور لقبول أبنائهم وبناتهم بها لجودة بنائها وتجهيزاتها مما يجعل تجربة الدراسة بها مفعمة بالسعادة ومشجعة على التعلم، ودائما ما يتساءل المهتمون عن مدى ديمومة جودة هذه المباني وتجهيزاتها وإلى متى ستصمد، وهناك أيضا تساؤل على أي أساس يقبل طلاب بهذه المدارس ولا يقبل غيرهم؟ ولا شك أن جوارهم بالمدرسة هو الإجابة المنطقية لكن التساؤل يتجاوز ذلك إلى تفصيلات كثيرة.
ولأن هاتين مشكلتين فإن حلهما المقترح هنا يضيف لهما فرصة من فرص الـ»جودة»، وهذا الحل هو مفهوم التعليم «شبه الأهلي» والذي أطرحه هنا كمبادرة ربما تنطلق منها بذرة تخصيص التعليم يوما ما. في هذا النموذج تستلم شركة تعليمية لها خبرتها وسمعتها هذه المباني من وزارة التعليم لتتولى صيانتها وتطويرها وتجهيزها على حسابها وفي نفس الوقت تتولى تشغيلها ويكون قبول الطلاب برسوم مخفضة «تحددها الوزارة» ، ويعطى طلاب الحي الذي فيه هذه المدارس أولوية القبول بناء على توجيهات الوزارة حسب التوزيع المعتمد للمدارس، وتتولى الوزارة دفع رسوم هؤلاء المجاورين لتستمر الخدمة لذلك الحي دونما تغيير بينما يصبح غيرهم من طلاب الأحياء الأخرى قادرين على الالتحاق من خلال دفع الرسوم المقررة «المخفضة» طالما هناك مجال للقبول. ويمكن أن يكون معيار الرسوم بما لا يتجاوز كلفة الطالب في التعليم الحكومي على الوزارة (تقريبا 12 ألف ريال بناء على حسابات مجلس الشورى) وهو يعادل متوسط رسوم المدارس الأهلية (12 ألف ريال أيضا).
أعتقد أن هذا النموذج سيتجاوز مشكلة الصيانة ولا يقتصر على المحافظة على هذه المباني المميزة بل يضمن تطويرها وحسن استغلال كل فراغاتها وإمكانياتها من خلال النشاط التعليمي الفعال لدى المدرسة شبه الأهلية، كما أنه يوفر فرصة متكافئة لجميع الطلاب للالتحاق بهذه المدارس الجيدة، وفوق هذا كله هو لا يكلف الوزارة ويساعدها على مراقبة هذا الشكل الجديد من التعليم (التعليم شبه الأهلي) ورصد إمكانية التوسع فيه مستقبلا بصور مكافئة أو مقاربة، مثلا تسليم المجمعات الحكومية للشركات الأهلية بنفس النمط، النتيجة: مدارس بمبان وتجهيزات متميزة، تخصيص التعليم بالنسبة لطلاب الحي الذين سيدخلون على حساب الوزارة، وتعليم أهلي برسوم مخفضة لبقية الطلاب.