مشرف المحيميس
ما إن يأتي حديث الإعلام عن الجوف حتى ينهمر الماضي بكل ثقلِهِ وأثقالهِ، فالمرئي منه يرى الجوف بعينٍ واحدة والمقروء منه يراها بعينٍ واحدة والمسموع يسمعها بأذن واحدة وكأنما الجوف لا حاضرَ لها فقد رأينا أصابعهُ تُمسك بأذن المتلقي وتجَرهُ جرًا نحو ماضٍ سحيق وينبغي ألا يكتفي الإعلام بالخطاب الوصفي المحض للماضي وعليه أن يتعداه إلى الرؤية وطرح الدراسات والاقتراحات المساعدة والفاعلة وصولاً إلى حاضرٍ يَقرنُ الماضي الجميل بالحاضر الجميل من أجل أحداث مستقبلٍ أجمل من الاثنين.
الجوف ماضيها لغةٌ كبيرةٌ وحاضرها لغةٌ كبيرةٌ ومن مُعطيات الحاضر فهناك أصابع تُشيرُ إلى مستقبلٍ كبير.
الجوف وغير الجوف تحتاج الآن من الإعلام لثلاثة عيون.. عينٌ على الماضي وأخرى على الحاضر والثالثةُ على المستقبل.
هنا أنا لا أتحدث عن الجوف أو غيرها بل عن خطابنا الإعلامي والثقافي تِجاه الأرض والإِنسان.
إن للماضي والحاضر مُعطياتٍ لا ينبغي أن تأتي واحدةٌ منها على حساب الأخرى ذلك أن التركيز على إبراز الماضي وحدهُ هو إقصاء للمستقبل أو غفلةٌ عنه، وهنا لا بد من تفعيل الماضي من أجل المستقبل.
فزيتون الجوف وآثارها مثلاً لا يختلفان عن رُمّان الطائف من حيث القيمة، وثقافة الجوف لا يمكن أن تختلف عن ثقافة نجران مثلاً فالإنسان إنسان أينما حل فالجغرافيا والتاريخ والإنسان أصدق من الإعلام فليت أن الإعلام يفتح عينه الثانية على المناطق سعيًا لأن يكون كلامي هذا منطقيًا لا مناطقيًا أو جِهويًا.