د.علي القرني
من أسوأ مظاهر الشخصية غير السوية، هو عندما يخرج مسئول من منصبه أو يغادر إلى مكان آخر يظهر بعض الكتاب بشخصياتهم غير السوية؛ ليتحدثوا عن مواقف أو خصال أو افتعال قضايا أو مشاكل وطرحها للرأي العام، وهي في حقيقة الأمر مجرد محاولة لصناعة بطولة من لاشيء. وهؤلاء الكتاب يحاولون أن يصنعوا بطولة لهم من دون أدنى درجة من الاستحقاق لمثل هذه البطولات الزائفة.
وللأسف، ينهج بعض هؤلاء الكتاب، وعلى مر السنوات هذه المنهجية المعتادة منهم، فهم يبدأون أول مقالاتهم بنقد غير مبرر لشخصية مسئولة في جهاز إداري مهم في منطقة الكاتب، هدفها هو لفت انتباه المسئول الجديد إلى هذا الكاتب. فمثل هذا الكاتب يسعى دائما إلى ترضي المسئول الحالي لأسباب عديدة على حساب المسئول السابق، وهذا للأسف نهج يعكس منهجية مريضة اعتاد أن يقتات عليها بعض الكتاب، أثناء تحولات المناصب وتدوير الشخصيات الناجحة.
ومن المعروف أن من السهولة دائما أن نبحث عن عثرات أو زلات لأي شخصية في أي منصب إداري، ولكن أن يكون صلب القضية هو شائعات أو مجرد تلبسات مريضة لأشخاص عادوا النجاح داخل المؤسسة أو خارجها، فهذا منهج مرفوض من العقل والمنطق والعرف والتقاليد. وبدل أن نشد على أيدي الناجحين المخلصين نعاديهم ونتربص بهم، ليس وهم في سدة المسئولية ولكن عند مغادرتهم كراسي المؤسسات.
إن هدف مثل هؤلاء من الكتاب هو مجرد لفت انتباه المسئول الجديد، وكأنه يقول «أنا هنا موجود» أرجو أن تنتبه لي. ونحن في القطاع الإعلامي والقطاع الأكاديمي نتابع دائما بعضا من هؤلاء الكتاب الذين يظهرون بعيد التعيينات الجديدة للوزراء أو مديري الجامعات، ونضعها دائما في سياق الظهور الموسمي لهؤلاء الكتاب، فقضاياهم ظاهرها الوطنية ولكن داخلها - ومغلف بها - محسوبية أشخاص ومصالح وقتية، وظهور مرغوب ورزات إعلامية. وهذا ما نلاحظه من ظهور هذه الأصوات وهذه الكتابات في مواسم التعيينات الملكية.
ومن أسوأ هذه الكتابات هو ما يكون مبنياً على معلومات زائفة أو حقائق مغلوطة ومصادر موهومة، ولا توجد أي مستندات نظامية أو تفسيرات منطقية لمثل هذه المقولات الزائفة. وهدف مثل هذه الكتابات هو صناعة بطولة للكاتب على حساب التشويش على شخصيات وطنية خدمت مؤسساتها بكل حكمة واقتدار، وعبرت بتلك المؤسسات إلى بر الأمان وارتقت بمنسوبيها إلى مصاف التنافسية على مستوى الوطن. ويظل هدف مثل هذا الكاتب هو إدارة مجده الشخصي في وسائله المرهونة إلى نزعاته الشخصية وأهوائه الباطلة.
إنني وغيري، وبكل تقدير، نحترم كتّابا شرفاء في وسائل إعلامنا يكتبون وينتقدون بكل مسئولية أي مؤسسة من مؤسساتنا، ويخاطبون المسئول وهو على كرسي المسئولية؛ حيث إنه يمتلك كل مسوغات الرد والتوضيح، ولكن أن تكون مثل هذه الكتابات بعد خروج المسئول من أروقة المؤسسة وبعد تنحيه أو تحوله إلى موقع آخر فهذه منهجية ضعيفة ولاتنبئ عن مصداقية أو قبول من الرأي العام. كما أننا نعلم علم اليقين أن بمقدور أي كاتب انتهازي أن يفبرك عشر كلمات في مقالة ويصيغها بلغة شكية، ويطلب فيها استدعاء مؤسسات نزاهية أو قضائية أو بعض المسئولين هنا أو هناك، فهذه أهون الأمور لدى هؤلاء الكتاب الموسميين.
وستبقى الحقائق هي خير شاهد على صفاء النفوس وإخلاص الأعمال مهما حاول هؤلاء أن ينالوا من شخصيات خدمت وطنها وساهمت في نهضته وعايشت أحداثه، وأوصلت مؤسساتها إلى مصاف التطوير والنماء والتقدم. وسيبقى نبض الوطن حياً في قلوبنا يقودنا دائما إلى مزيد من النجاحات، وإلى التصفيق لهذه النجاحات ودعمها ومساندتها.
ولن نجد مبررا لأي شخص أو كاتب يحاول أن يعبث بمقدرات النجاح، فأوجه النجاح وعلامات التقدم ومظاهر الريادة واضحة للجميع بدون مقدمات أو عناوين، كما أن لعبة الاستقواء بوزير أو أمير باتت مكشوفة لدى هذا الأمير أو ذاك الوزير.