د. عبدالرحمن الشلاش
صُدم كثير من المؤدين لصلاة الجمعة يوم الثالث من شهر شوال بتجاهل بعض خطباء الجمعة للحوادث الإرهابية التي استهدفت أمن الوطن الغالي في الأيَّام الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وفي مقدمتها محاولة التفجير في الحرم النبوي الشريف في مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - التي نتج عنها مقتل أربعة من رجال الأمن الشرفاء رحمهم الله جميعا، إضافة إلى هلاك الإرهابي المجرم والمعتدي في بقعة من أقدس البقاع، وهي الجريمة البشعة والمنكرة التي أدانها معظم المسلمين في العالم، وندد بها دعاة وخطباء من خارج المملكة العربية السعودية، إضافة إلى الخطباء والدعاة الوطنيين ومن يستشعرون أهمية الأمن بالنسبة للمجتمع ويرفضون جملة وتفصيلا ما تقترفه الجماعات الإرهابية الجبانة.
ندرك تأثير خطباء الجمعة على المصلين كونهم يتوجهون بخطبهم لمئات الآلاف من المصلين كل أسبوع، ودورهم المنتظر في توضيح الحقائق في حينها، والتحذير من القتل وسفك الدماء واستباحة أرواح حرّمها الله، وبيان عقوبة العمل الإرهابي خاصة في الحرمين الشريفين في الدنيا والآخرة، وطرح الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية الدالة على تحريم الأعمال الإرهابية بعامة وعظيم عقوبة من يقتل أو يفجر في الحرمين الشريفين خاصة، وهذا العمل من الخطباء ليس فيه منة ولا تفضل فهذا وطنهم وهو واجب يحتمه عليهم اعتلاؤهم للمنابر وما يقتضيه ذلك من أداء الأمانة على أكمل وجه وعدم التغاضي عن قضايا تمس الأمن وتعرض حياة الناس للخطر.
إذا كان خطيب الجمعة لا يواكب الأحداث، ولا يتفاعل مع قضايا مجتمعه، ولا يدين وبشدة الأعمال الإرهابية التي تتعرض لها البلاد منذ سنوات فما الفائدة منه. أثبتت الأحداث تخاذل بعض الخطباء، وقعودهم عن التنديد بالقتلة والسفاحين من مجرمي القاعدة وداعش على مدى سنوات طويلة ورغم ذلك ما زالوا يعتلون المنابر ويمارسون التجاهل، وهم في هذا التخاذل المريب إما معاندون مكابرون، أو داعمون في الخفاء لجماعات الإرهاب، أو من أولئك الذين يدعون لإخوانهم المجاهدين بزعمهم في أفغانستان والشام والعراق واليمن!
بقاء مثل أولئك الخطباء كل هذه السنوات وبتجاهلهم الظاهر مسؤولية وزارة الشؤون الإسلامية، وعليها متابعة الخطباء وإبعاد من لا يصلح منهم فمن لا يقف في مواجهة من يريدون الشر بقبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم يجب أن يبعدوا عن مواجهة الناس لأن ضررهم سيكون أكثر من نفعهم.