د. فوزية البكر
قراءة الإحصاءات السكانية في المملكة تبعث على القلق لأنها ببساطة كبيرة جداً والتسارع فيها غير معقول. اقرأوا معي:
تطور عدد السكان في السعودية آخر 12 عاماً كالتالي: بلغ عددهم 22.6 مليون نسمة في 2004، ثم ارتفع بنسبة 3.4 في المائة ليبلغ 23.3 مليون نسمة في عام 2005، وبالنسبة نفسها في عام 2006 ليبلغ 24.1 مليون نسمة. (هذا يعني أكثر من مليون نسمة في السنة!!!).
وارتفع عدد السكان بنسبة 0.5 في المائة عام 2007 ليبلغ 24.2 مليون نسمة. وارتفع إلى 24.8 مليون نسمة عام 2008 بنسبة نمو 2.3 في المائة، وبالنسبة نفسها في عام 2009، ليزداد عدد السكان إلى 25.4 مليون نسمة.
وقفز عدد السكان بنسبة 8.6 في المائة عام 2010 ليبلغ 27.6 مليون نسمة، ثم إلى 28.4 مليون نسمة بنسبة نمو 2.9 في المائة عام 2011، وبالنسبة نفسها عام 2012، ليبلغ عدد السكان 29.2 مليون نسمة.
وفي عام 2013، بلغ عدد السكان نحو 30 مليون نسمة بنسبة زيادة 2.7 في المائة، ثم بنسبة 2.6 في المائة عام 2014، ليبلغ عدد السكان 30.8 مليون نسمة، وأخيرا 31.5 مليون نسمة في 2015، بنسبة نمو 2.4 في المائة.
نعم شكل غير السعوديين ثلث السكان أي ما يزيد قليلاً على 10 مليون نسمة لكن الباقي هم من السعوديين وفي كل الأحوال يحتاج كل فرد موجود في المملكة إلى المسكن والرعاية الصحية وتوفير التعليم والترفيه والخدمات المساندة المختلفة من كهرباء وماء... إلخ. لا عجب أننا: أي من نقطن المدن الكبيرة قد فاضت أرواحنا من الزحمة فأينما حللنا فهناك آلاف السيارات حتى أن بعض الدراسات تتوقع أنه خلال خمس سنوات القادمة لن تستطيع السيارات في الرياض أن تمشي أكثر من 25 كيلو متراً في الساعة!
الرعب الحقيقي هو ما إذا استمرت هذه الزيادات كما في توقعات عالم الرياضيات مالتوس (2، 4، 8، 16) التي يبدو أنها ليست بعيدة كثيراً عن الواقع فإذا كان عدد أفراد الأسرة المتوسطة الدخل خلال الثلاثين سنة الماضية هو من خمسة إلى سبعة فأكثر (هذا رقم متحفظ نسبياً بالنظر إلى عدد المواليد في بعض المناطق مثل المنطقة الجنوبية مثلاً) وهو ما يبرر النسبة المخيفة للزيادة السنوية التي أوضحتها الإحصاءات التي فاقت حتى بلاد اليمن السعيد التي كانت دائماً تسجل على أنها الأعلى خصوبة في العالم لكن يبدو أنه لا شيء يوقفنا نحن السعوديين ولا أعرف ما الذي يمكنه إيقاف هذا الفيضان البشري لكنه في كل الأحوال يجب أن يهدأ على الأقل.. لماذا؟
قد لا تستطيع مواردنا التي تعاني الآن من انخفاض أسعار النفط أن تسد حتى الاحتياجات الأساسية من تعليم وعلاج في ظل هذا النمو في زيادة عدد السكان، كما ستعاني المرافق العامة من شوارع أو كهرباء أو مياه الكثير من التعثر حتى تتمكن من تلبية هذه الاحتياجات.
سيتوجب أن تعمل كافة المؤسسات الرئيسية ذات التأثير الديني والتعليمي والثقافي للحد من هذا التزايد الذي يدعمه الجهل بالنتائج وتوقع أقدار لا يمكن التحكم فيها وهو جهل حقيقي بماهية القدر كما أقرها الإسلام الذي يجعل الإنسان مسؤولاً عن نفسه وبيته وتصرفاته، عاقلاً، مسؤولاً، ولكن حين يحل قدرك المكتوب كأن تموت بسكتة قلبية أو تصدمك سيارة أو تكون أحد ضحايا العصر في حادث إرهابي فهذا هو قدرك المكتوب كما نفهمه في ظل شريعتنا السمحاء وهي غير مسؤولة عن كل الأفواه الجائعة التي كاثرها عدم أخذ ما أشرنا إليه في الحساب.
يجب الآن وعلى كل القنوات التعليمية والدينية والثقافية الموجودة في حيز الفضاء الاجتماعي العمل للحد من التكاثر البشري. وأظن أن المهمة الأكبر والأكثر تأثيراً منوطة بأئمة المساجد الذين يستقبلون الناس خمس مرات في اليوم: إذن هم أكثر تأثيراً من المدرسة ومن الأم والزوجة فالناس تقضي مستمعة لهم أكثر بكثير مما تقضيه مع أي أحد آخر من أفراد الأسرة وعلينا أن نفهم آلية عملهم وكيف يجهزون لمحتوى خطبهم وكيف يتحدثون مع جيرانهم وصغار حيهم؟ ويومها سنمتلك الشارع بكل أدوات التأثير الممكنة بما فيها السيطرة على المشكلة السكانية.