د.دلال بنت مخلد الحربي
تقرير شيلكوت هو حلقة في سلسلة من سلسلة الألغاز التي تتكشف مع الأيام، وتظهر أمام الرأي العام العالمي مقدمة صورة قاتمة عن أخلاقيات السياسة الغربية، وانتهازيتها، وسيرها، وفقًا لأهداف يحملها القادة السياسيون على وجه الخصوص؛ فالتقرير يظهر كيف أقدم توني بلير على السير في ركاب جورج بوش في تدمير العراق اعتمادًا على تقارير كاذبة، نتج منها ذلك الهجوم الضاري على العراق الذي أدى إلى تدمير الدولة العراقية والشعب العراقي..
فعلى إثر ذلك الغزو الذي تم اعتمادًا على تقارير كاذبة تحول العراق إلى دولة فاشلة، لا يحكمها إلا شريعة الغاب؛ فالقتل في كل مكان، والانتقام والتدمير وخروج الجماعات المتطرفة بكل أنواعها مستغلة الأوضاع الأمنية لتعيث فسادًا بالمنطقة كلها..
ولعل أكبر جهة كسبت مما وقع على العراق من دمار هي إيران، التي استغلت الفرصة لتحوُّل العراق من دولة مستقلة، تواجه أطماعها، وتصد عدوانها، إلى دولة تابعة، تبث فيها إيران سياسات التفرقة الطائفية وتنميها، حتى وصل الأمر إلى تكوين الحشد الشعبي الإجرامي الذي يأتمر بأمر الحرس الثوري الإيراني.
وناتج دمار الدولة العراقية أيضًا تغلغل القاعدة وعبثها، ثم ظهور داعش وما قامت به في مناطق كثيرة من العراق.
ومن أهم المصائب التي نتجت من غزو العراق الذي كان بلير أحد قادته ما نشرته جريدة الشرق الأوسط في عدد الأحد (13739 - 5 شوال/ 10 يوليو) عن مدينة البصرة التي كانت مدينة عربية شامخة بمعالمها الثقافية وبشخصيتها العربية سُنية وشيعية، فتحولت إلى مستعمرة إيرانية وفق ما ذكرته الشرق الأوسط.
وكما جاء في التقرير، فإن بلدة الزبير التي كانت من مراكز السنة، والتي عُرفت باستيطان الكثير من أهل نجد فيها سابقًا، أُجبر أهلها على الخروج، واستُقطب في مقابل ذلك سكان قرى، دفعوا بحس طائفي إلى النزوح إلى الزبير.
كل ما ذُكر في تقرير الشرق الأوسط عن البصرة يكشف مدى التخطيط الذي وضع لهذه المدينة التي تحولت إلى مدينة تعلن بكل ما فيها تبعيتها لإيران عبر سيناريو نُفّذ بإحكام.
تقرير شيلكوت وتقارير أخرى من قبل تُظهر كبر حجم التآمر الذي وصل إلى حد تدمير دولة مثل العراق، وكيف تحولت مثل هذه الدولة إلى منطقة نفوذ إيران الطائفية التي تعمل على زعزعة الأمن في منطقة الخليج العربي على وجه الخصوص.
ما فائدة اعتذار بلير بعد ذلك؟!