د.عبدالعزيز الجار الله
لا يستطيع الوزير - أي وزير - أن يمحو بابتسامته، كما لا يستطيع نائب الوزير أن يمحو بالشد على أيادي الموظفين، ولا يستطيع أي رئيس منشأة حكومية أو هيئة أو أهلية - قطاع خاص - أن يمحو بابتسامته نهار المعايدة التي تعمل عليها العلاقات العامة من أجل ما تسميه تحسين الصورة وتجميل المنشأة وإصلاح جسورها مع جمهور الداخل والخارج.. لا يستطيع مسؤول المنشأة أن يمحو الصورة المعطوبة في قطاع الوظائف؛ فهي باقية وراسخة؛ لأن الممارسة الإدارية لم تتغير رغم النوايا الطيبة المعلنة بوعد التغيير، ورغم وعود تغييرات 2030، والحوكمة القادمة، والتوقيع على دفن ونهاية الزمن الورقي، واعتباره مرحلة زمنية منتهية.. رغم هذه الوعود فالمشهد كما هو في المشهد الإداري.
في صباح المعايدات بالدوائر الحكومية تغص الصالة الكبرى في أي قطاع بالمسؤولين وعموم الموظفين، يتقدمهم الوزير والنواب والوكلاء والممسكون بأركان القطاع من مديري العموم في موقف انضباطي للمعايدة، وعادة يبدأ بالسلام على صغار الموظفين من أصحاب المسمى الوظيفي المحتشم (المستخدمين) ووظائف البند ومن هم في ذيل السلم، يتم السلام بمرافقة كاميرات التصوير والنشر الاجتماعي والصحفي كتعبير عن بساطة المسؤول وأريحيته وبساطته، في حين يد الموظف تصافح بعضًا ممن أسقطوا حقوقه الوظيفية، يصافح الموظف بأطراف يده المكدودة والمعرقة من العمل اليومي التي لم تتحصل على ما تستحقه من حقوق يكفلها له النظام.
الموظف يأتي كل عيد في يوم المعايدة الرسمية، ويعلم أن من هم على أيمن الوزير وعلى أيسره قد أسقطوا حقه، والوزير لم يحاسبهم، أسقطوا حقه في: الترقيات، وحرموه من العلاوات، وأعطيت لمن لا يستحقها، وجمدوه في السلم، وحرموه من الانتدابات بإعطائها للغير، وأنه يميَّز سلبًا بالتقارير السنوية، وتذهب الدورات والابتعاث وميزات الوظيفة خارج الدوام مع العطل الأسبوعية لآخرين، وتخص الوظائف العليا والمناصب الإدارية لأسماء محددة ومعروفة سلفًا.
هذا يتم بمعرفة المسؤول ببعضها أو جهله. وفي المقابل الموظف - ومن تجربة وظيفية طويلة - يعرف أنه سيخسر إذا اعترض؛ لذا يقبل طواعية، ويراهن على الوقت والمتغيرات؛ فالدليل الإجرائي لعمل القطاع يمرر عليه الموظف وهو يعلم أنه يعطل أو يتم تمطيطه وتطويل الإجراءات على حساب الموظف غير النافذ، لكن الوزير يغيب بقصد، ولو تدخل الوزير لسرع في الإجراءات، وأعطى الموظفين حقوقهم في الترقيات وغيرها، وسيحصل على واجبات الوظيفة؛ وبالتالي سيصافحه الموظف بحرارة، ويشد على يده.