عروبة المنيف
لطالما نسب الإرهاب وبذوره الشيطانية إلى الفتاوى والتفسيرات المتشددة للنصوص الدينية المنسوبة «لشيوخ الظلام» والبعيدة كل البعد عن جوهر الدين، وقد استغلت تلك الفتاوى والتفسيرات من أجل تحقيق مآرب سياسية، حيث وظف الدين لخدمة السياسة من أجل إحكام السلطة، ولا يخفى العامل الاقتصادي -أيضاً- حيث استغلت الجماعات المتطرفة دينياً الشباب العاطل عن العمل لتجنيده، كذلك العامل التاريخي وما يسوقه من أحداث تاريخية وروايات مزيفة ومشبوهة بهدف تصدير خطاب الكراهية ورفض الآخر ما ساهم في سهولة وسرعة انتشار التطرف الديني، وقد لاقى ذلك «الخطاب الديني المتطرف»، رواجاً في فترة من الفترات الذي نحصد نتائجه الكارثية الآن.
وعندما نسب الإرهاب إلى التطرف الديني بشكل يقيني، كتب الكثير عن أخطار فتاوى «سيد قطب تحديداً نظراً لأن كتبه كانت ولفترة ليست بالبعيدة يستوحى منها مناهج تعليمية في المدارس، ونشطت وسائل الإعلام في استضافة المتخصصين في مختلف العلوم كالشريعة والسياسة والاجتماع والنفس والاقتصاد ومكافحة الإرهاب، متحدثين عن أخطار التفسيرات المتطرفة للنصوص الدينية المقدسة التي اتخذت كذريعة للتغرير بشباب الأمة بهدف رفع مستوى الحماس الديني لديهم.
لقد قيل الكثير وما زالت الأصوات تجهر والأقلام تنبري تحذيراً من التطرف الديني ونتائجه الكارثية على العالم الذي استخدم كلعبة أو كجسر لتحقيق السلطة لجماعات التطرف الديني وللمليشيات الإرهابية، وعلت الأصوات مقترحة السبل الكفيلة في كف أيدي من ساهم في جعل الدين مطية لتحقيق أجندات لم تخدم سوى أعداء الدين والوطن.
إننا في مرحلة على مفترق طرق، تستدعي إتاحة الفرصة «للمتنورين دينياً» من العلماء في المساهمة بتصدير «خطاب ديني تنويري تسامحي يكسر جميع المفاهيم التي بناها الظلاميون أمثال سيد قطب، لنعرف العالم بجوهر الدين الإسلامي الأصيل، دين المحبة والتسامح والسلام.
هذا الخطاب يجب أن ينسج بعناية بحيث يفند ما جاء بالخطاب التكفيري بخطاب عصري من خلال مناظرات دينية علنية تعرض في وسائل الإعلام لوضع النقاط على الحروف ولتبيان أن القرآن الكريم ونصوصه تحتمل تفسيرات مختلفة عن التفسيرات التي استغلت لتحقيق أجندات أساءت للدين ولمعتنقيه.
إنها مسؤولية عظيمة تستدعي المسلمين لإدارة دفة ذلك «الخطاب الديني المتسامح «ولتعتبر ذلك من ضمن أولوياتها، فليست الأوطان فقط في خطر من جراء ذلك الإرهاب بل أصبح ديننا ومعتنقوه في خطر من جراء ما نسب إليه من ضلالات وهو براء.