سمر المقرن
كنت أتحدث «مازحة» مع سيِّدة مغربية تعمل في الرياض قائلة: (إذا لم تعودي إلى المغرب فسيتزوج عليكِ زوجك).. ردت بثقة: (لا يستطيع، لأن القانون المغربي يمنع الرجل من الزواج بثانية دون موافقة الأولى).. هذا الحوار الصغير فتح أمامي أبواباً كثيرة حول حقوق المرأة التي تغيب عن أذهاننا، ومن أهم حقوقها أن لا يتزوج عليها زوجها -غِيلة- بل بعد العودة لها وترك حرية القرار أمامها، فإما أن تقبل، أو أنها ترفض، أو تختار حياة جديدة بعيدة عن هذا الزوج. أما حكاية أن يُترك هذا الباب مفتوحاً على مصراعيه فهو أمر لا يمت إلى الأخلاق الإسلامية بصلة، فالغدر ليس من سمات المسلم ولا حتى إن كانت في حقوقه الشرعية حسب رؤيته واعتقاده، لأن الحق لا يُؤخذ بالغدر كما حدث مع بعض الزوجات اللاتي لم يكتشفن قيام أزواجهن بالزواج عليهنّ إلا بعد مرور سنوات، وأمام طوفان زواج «المسيار» السري فإن كثيراً من البيوت تُغلق أبوابها بالغدر والكذب، فمن حق الزوجة الأولى أن تعلم بنية الزواج عليها، وتُعطى حقها الإنساني في الاختيار إما بالقبول أو الرفض.
لذا من المهم أن نبحث في قوانين مدنية من أصل الشريعة تحفظ حقوق الطرفين، وتمنع الزواج بأخرى دون موافقة الزوجة الأولى، وهذا القرار لا يتعارض مع الشريعة، ولن يعيبنا، بل سيُنظّم عملية التعدد ويجعلها حضارية وأخلاقية عندما تكون جميع الأطراف على علم.
في السياق ذاته، هناك قانون في الشريعة غائب عن التطبيق، وهو يمنح المرأة حق اشتراط عدم التعدد في عقد الزواج، إن هي شعرت بعدم الثقة أو خافت من أن تُغدر في المستقبل، فمن حقها أن تضع هذا الشرط عند عقد القران، وهذا الشرط مأخوذ به عند الحنابلة، فمن حق العروس أن تضع شرطاً لفسخ عقدها بمجرد أن يتزوّج بأخرى، ومن حق العريس أن يرفضه.. لكن في المُجمل يظل التفاهم هو اللغة الأهم في القبول أو الرفض.
ولعلي هنا أعرّج على تلك القصة الشهيرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- عندما رفض أن يتزوج علي على فاطمة -رضي الله عنهما- وقد كان تبريره عليه الصلاة والسلام هو خوفه من أذية فاطمة، ونحن كنساء من المهم أن تكون الزهراء قدوتنا، وما يؤذي أنوثتها بلا شك يؤذي أي امرأة.
من حقك عزيزتي المرأة أن تضعي شروطك التي تؤمن لكِ حياة مستقرة ومستقبلاً آمناً، ولا تخجلي أبداً من حقوقك الشرعية!