تحت راية قائد البلاد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ذو المناقب والنبالة، صاحب الوفاء والنهى والتقى والحكمة والحنكة والحزم والعزم والحصافة، فإني أستغرب وأتساءل كيف يمكن أن يحدث تلاعب بالأسعار في زمن خادم الحرمين الشريفين المحب لشعبه ومواطنيه الذي سخّر ويسخّر جهده الدائم ووقته الثمين للسهر على راحة المواطن وتأمين رفاهيته وطمأنينته.
في الحقيقة، وبكل صراحة، أقول: إن هناك طبقة من التجار لا يهمها سوى جمع الثروة، أخذت عن الغرب بعده عن منظومة القيم الأخلاقية وجشعه المادي، ووضعت في حيثياتها مبدأ نيتشه وسبينوزا وهلفسيوس - هؤلاء الفلاسفة الذين يعتبرون أن المادة والثروة هي كل شيء في هذا الوجود - ونسيت هذه الفئة أن عليها واجباً تجاه وطنها ومجتمعها، وأن هذا الواجب يفرض عليها أن تساهم مساهمة فعالة في تأمين سعادة الآخرين.
جولة قصيرة في الأسواق تكفي لأن نكتشف أن استغلالاً بشعاً قد توطد في أسعار السلع. وأن هناك فروقاً كبيرة في سعر السلعة نفسها، سواء كان ذلك بالنسبة للدواء أو الغذاء إذ إن سعر دواء ما في المنفوحة أو الروضة يختلف عن سعره في العليا، وهنا نسأل لماذا هذا التلاعب في الأسعار ولصالح من؟ أين هي وزارة الصحة؟ ينبغي عليها أن تضع تسعيرة ثابتة للأدوية جميعها. وأن تراقب تنفيذ قراراتها وخاصة بالنسبة لأدوية الأمراض المزمنة كمرض القلب أو السكر أو الحساسية أو غيرها التي يضطر المواطن أن يشتريها باستمرار وكلنا نعرف أنه لا يوجد بيت إلا وفيه مرض من الأمراض المزمنة.
إن التلاعب بالأسعار ووجود فروق في السعر بين حي وآخر ومدينة وأخرى، يترك أثراً سلبياً في المجتمع ويجعل المواطن يشعر بضغط مادي يدفعه لأن يتساءل لماذا لا تراقب الدولة الأسعار وأين هو دورها في حماية المستهلك؟ - على الرغم من أن الدولة لا تقصر وتسعى ليلاً ونهاراً لتأمين مصلحة المواطن بناء على الأوامر الصادرة من خادم الحرمين الشريفين الذي لا يتهاون أبداً حيال شيء يمس مصلحة الدولة والمواطن.
لقد اعتبر ملكنا الغالي في خطبة من خطبه أن جميع المواطنين هم أبناؤه، وهو أول قائد يخصص موقعاً (واتس اب وتويتر) للشكوى، وهو المعروف بحزمه وحمايته للمواطن ولا يمر يوم إلا ونسمع فيه أوامر خادم الحرمين الشريفين التي تأمر المسؤولين بالحرص على راحة المواطن والعمل على تسهيل أمور الحياة عليه وتأمين المواد الأساسية بالأسعار المناسبة وحماية المستهلك من جشع وطمع التجار ومن استغلالهم الذي أصبح عبئاً ثقيلاً على المواطن.
ولا بد من التنويه بأننا نعيش في ظل حكومة رشيدة يدير شؤونها خادم الحرمين الشريفين المشهود له بأنه سريع في تقديم الخيرات والبركات لشعبه وأنه حريص كل الحرص على معالجة الأمور بروح من الحصافة التي توجه كل قراراته في تصريف أمور مملكتنا الحبيبة، ونحن نتوقع أن يتفضل ملكنا المفدى وبأمر برفع منسوب مراقبة الأسعار، طالما أن هناك فئة لا يهمها إلا الكسب حتى ولو كان ذلك على حساب الوطن والمواطن مع الملاحظة أن هذا المواطن هو من ذوي الدخل المحدود لكونه موظفا في الدولة أو في القطاع الخاص.. إلخ.
وفي معظم الأحيان فإن هذا المواطن يعيش في بيت مستأجر وإن امتلك سيارة فإنه أخذها بالتقسيط.
طبعاً لا يغيب عن البال أن أغلى ما يمتلك الوطن هو المواطن وأن هذا المواطن هو موضوع اهتمام ورعاية خادم الحرمين الشريفين، وكما هو معلوم هناك مناطق كثيرة يسكنها مواطنون من ذوي الدخل المحدود وهم لا ينتسبون إلى فئة الأغنياء أو ذوي الدخل المرتفع وهم بحاجة إلى الإنصاف وحمايتهم من الأذى الناجم عن ارتفاع الأسعار لكافة مستلزماتهم الحياتية سواء كانت غذائية أو طبية، مع الملاحظة أن التكاليف الطبية تشكل أزمة بالنسبة إليهم. نعم هناك مستشفيات الدولة التي تقدم الخدمات الطبية مجاناً وهي مشكورة على ذلك ولكن هذه المستشفيات لا تستطيع استيعاب جميع المرضى بسبب المواعيد البعيدة، مع الملاحظة أن المواطن الذي يسكن في مناطق معينة لا يمكنه الذهاب إلى مستشفيات الدولة بسبب الإجراءات الكثيرة التي يتوجب على المواطن أن يتبعها - حتى يحصل على الخدمة الطبية المطلوبة وهنا لا بد من القول: إن هناك مسؤولية أخلاقية يجب أن تتحملها فئات الشعب التي أنعم الله عليها بالغنى - أي أنه يتوجب على هذه الفئات أن تساهم بقسط من الأمور التي تخفف أعباء الحياة عن المواطن العادي ومن هذه الأمور عدم التلاعب بأسعار المستلزمات التي يحتاجها المواطن.
في الغرب، نجد أن رجال الأعمال والأغنياء والتجار والفنانين يلعبون دوراً مميزاً في خدمة أوطانهم، فمنهم من يفتح مدرسة وآخرون يفتحون مستشفى وهكذا.. لماذا لا نجد مثل هذه المساهمات في مملكتنا الحبيبة؟ وإن وجدت فهي مساهمة قليلة لا تعكس قدرات أثريائنا ومن حباهم الله بقدركبير من الثروة على الرغم من أن ديننا الحنيف يأمرنا بالتعاون والتعاضد مع بعضنا، ولا يجعل من الأخوة والإخاء تجاه الآخرين أمراً محبباً فحسب، بل هو تكليف ضروري. إذا أرادت الأمة أن تتقدم وأن ينعم أفرادها بالسعادة والرفاهية.
وقد قال الله تعالى {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} فلماذا لا نمتثل لأوامره؟
وبالعودة إلى الدولة، نجد أن حكومتنا الرشيدة قد وضعت السياسات اللازمة والضرورية لمساعدة المواطن وتيسير سبل العيش الكريم له، ولكن لسوء الحظ نجد أن بعض المشرفين على تطبيق تلك السياسات المقررة لا يقومون بالجهد المطلوب للوصول إلى تقديم الخدمة المرجوة التي ينتظرها المواطن ويتطلع إليها لكي يطمئن على حياته وحياة أسرته، وبالمقابل هناك الكثير من الجهات التنفيذية التي تقوم بأعمالها بكل أمانة وإخلاص وهي تشكر على ذلك ونقدر لها جهدها المخلص.
وفي هذا الخصوص نأمل من الفئة التي تتقاعس عن تأدية واجبها على الوجه الأكمل أن تحذو حذو الجهات التي تنفذ واجبها وهنا يأتي دور الرقابة والتفتيش ولعلي لا أجانب الصواب إذا قلت: إن هذه الرقابة يجب أن تنزل إلى الأسواق وتراقب الأسعار مراقبة دقيقة لأن هذا التفاوت في الأسعار غير معقول ولا يمكن قبوله أو قبول استمراره في مجتمعنا الخيّر الذي يستحق كل خير.
وينطبق هذا التفاوت في الأسعار على جميع السلع والمواد الأساسية كالخضراوات أو الفواكه وفي جميع المناطق ويجدر التنويه بأن المواطن لا يستطيع الذهاب إلى سوق الخضراوات أو الفواكه لأنه لديه عمل ومسؤوليات عائلية وهو مضطر لشراء حاجاته من البائع القريب من بيته ويدفع ثمناً باهظاً لحاجاته والجدير بالذكر أن المواطن لا يستطيع أن يسأل هذا البائع عن سبب الغلاء لأنه في معظم الأحيان يكون فلبينياً.
وبالطبع فإن هذا الجشع قد أرهق كاهل المواطن وخاصة أن بعض هؤلاء التجار لا يظهرون أي رأفة تجاه المواطن الذي يمثل الطبقة الوسطى التي ينبغي أن تحافظ عليها كما تعمل المجتمعات الأخرى في جميع أنحاء العالم، وذلك حرصاً على بلدنا الحبيب لأن هذه الطبقة هي التي تحافظ على النظام وتحميه من كل الأفكار وهي صمام الأمان في الدفاع عن الوطن.
ويجدر التنويه أن علماء الاجتماع قد أجمعوا على أن هذه الطبقة هي التي تؤمن استقرار البلد وهذا الرأي قد أصبح متعارفا عليه في جميع أنحاء العالم وذلك لأنه لديها مصلحة في تحقيق الأمن والأمان في البلد وهي ليست مستعدة لأن تخسر المكاسب التي أعطتها الدولة لها، ويجب ألا ننسى أن هذه الطبقة هي خزان الأمة المنتج التي يخرج منها العلماء والمبدعون والرياضيون الذين يرفعون اسم البلد وكلنا يعرف ما حققه الرياضيون لبلدانهم من أمثال زيدان ورونالدو وبيليه وغيرهم.
وإذا تتبعنا المنظمات التي ظهرت في المجتمعات الأخرى، نجد أن الطبقات الفقيرة بعيدة كل البعد عن موضوع الاهتمام بالمصلحة العامة للبلد، لأنها ليست لديها ما تخسره لتدافع عنه، وينطبق عدم الاهتمام هذا على الطبقة الموسرة التي تسرع إلى ركوب طائراتها والرحيل إلى بيوتها الموجودة في أنحاء المعمورة.
ولكل هذه الأسباب، فإني أكرر وألح في مطالبتي بوضع حد نهائي لجشع أولئك الناس الذين لا يهمهم إلا جمع الأموال وأرجو أن تتم معالجة الأمر بشكل جذري تطبيقاً وتنفيذاً لما هو منصوص عليه في سياسة ملكنا الغالي المحبوب أطال الله لنا عمره وأبقاه سنداً وذخراً وراعياً وحامياً للوطن والمواطن.