عبده الأسمري
في الفلسفة بين الضحك والبكاء خط رفيع من الشعور. أحياناً يبكي الإنسان من السعادة في موقف مفرح وقد يضحك من شدة الحزن «هيستيريا». السعادة مبتغى لأي إنسان ولكن المشكلة تكمن في تفاصيل السعادة أين يوجد هذا الشعور؟ وكيف نصل إلى وضع أرضية تهيئ لنا السعادة وترسمها كركن يمد الحياة بالإنتاج ويرسم المستقبل؟ في العرف الإنساني إن الإنسان إذا امتلك المال والجاه والسلطان فقد يكون سعيداً، فهنالك الأثرياء والسلاطين والمشاهير ممن تأتيهم رغباتهم وأمنياتهم إليهم دون عناء. الحقيقة عكس ذلك؛ لأن بعضاً ممن يملكون المال والجاه والسلطان ولديه هذه الأدوات شقي وآخرون منهم ماتوا «انتحاراً» ولو بحثنا في سجلات عدد من المشاهير من أثرياء وفنانين وفنانات فقد ماتوا بقتل أنفسهم فماذا صنعت لهم الأدوات ماذا كان ينقص هؤلاء. ما الذي دفعهم إلى إنهاء حياتهم بطريقة مأساوية لماذا لم يمارسوا حياتهم ولعبة المال والثراء والطائرات الخاصة والقصور واليخوت والجزر والرحلات والموائد وغيرها. بعضهم كان مريضاً نفسياً وبعضهم دخل في متاهات ذهانية جرته إلى مستنقع «الانتحار» وإزهاق النفس بشرب الأدوية أو الارتماء في البحر أو بشرب السم وغيرها من وسائل الانتحار فما السر؟ بينما نجد كادحاً في حي شعبي في أفقر أحياء العالم يتجوّل والابتسامة ملء محيّاه حتى إن تجاعيد وجهة لا تظهر إلا في أرذل العمر بسبب التمرّس على الابتسام.
للسعادة مقومات عدة وأبوابها كثيرة ومجالاتها متعدّدة ولكن السؤال في «فلسلفة السعادة « كيف نصنعها كيف نبنيها وننميها ونحافظ عليها. لأن الحفاظ عليها سبيل مؤكّد لزيادتها. بعض البشر يغرقون في ملذاتهم بطريقة روتينية مقيتة تصل أحياناً إلى حدود تتجاوز العقل البشري والإطار النفسي الإنساني فيدخل الإنسان حينها في نوبة نفسية أو ذهانية فيرتمي في وحل من الشقاء لا يستطيع مقاومته فقط لأنه تجاوز حدود الفلسفة الموضوعية لمفهوم السعادة فطغى وبغى على خطوط يأتي بعدها الخطر فخسر السعادة وخسر نفسه.
القناعة من أهم أدوات السعادة مع الحد المعقول من الفرح والإطار الموضوعي من الأماني والمساحة البشرية في التعاطي مع نتائج السعادة إضافة إلى أن النشوة الدائمة نحو الطمع في سعادة خارج احتمال الجهاز النفسي قد ينعكس على الإنسان بشقاء لا ينتهي وقد تكون نهايته مؤلمة.
السعادة في الإيمان بالله واليقين بالقضاء والقدر في المسرات والمضرات والتعامل مع الحياة أنها محطة عبور وأن الخير فيها باق والشر زائل وأن نصيب الدنيا متاح متى ما امتلك الإنسان فلسلفته المفترضة للتعامل مع الحياة كمواقف وبشر حتى يجعل السعادة شعوراً من صناعته ومنتجاً يجيد تشكيله في السراء والضراء بمسلّمات النفس وافتراضات الحياة وأقدارها.