أ.د.عثمان بن صالح العامر
آية الله الخميني وأنصاره أصحاب نظرية «ولاية الفقيه»، هم أكثر من وظف الدين للسياسة بل جعلوا السياسة تمتطي الدين بشكل لم يسبق له مثيل في الخطاب الديني/ الإسلامي، حين حرفوا المعتقد الشيعي في أصل من أصوله المتفق عليها لديهم ليتوافق هذا النهج الديني المعروف مع طموحاتهم السياسية التوسعية ونزواتهم البراجماتية الشخصية، وكان وما زال العامة والغوغاء ممن يسيرون بركبهم ويدورون في فلكهم ويصدقون مقولاتهم يغضون الطرف عن هذا الشرخ البين في بنية المعتقد الشيعي المبني على فكرة النص في الإمامة - كما هو معلوم - انتظاراً للوعد الموهم بخروج المهدي المنتظر من السرداب والانتصار للمهمشين والمعذبين في الأرض - كما يقولون هم عن أنفسهم - الذين لهم الحق المطلق في ممارسة «التقية» من باب دراء الشر عن النفس، والعمل سراً بعيداً عن الأنظار ولفت الانتباه.!!!.
هذا الخطاب - الذي بقي ردحاً من الزمن يمارس الدجل السياسي ويدغدغ مشاعر الشارع الإيراني بل تعداه إلى غيره من شوارع الدول المجاورة - بدأ يتفكك ويتصدع من دخله جراء تكشف هشاشته وعجزه عن مقارعة الخطابات الدينية العميقة والمبرهنة المقنعة للعقل البشري - أعني الخطاب السلفي الوسطي الصحيح الذي حاول مفكرو السياسة الدنيوية، ورجال الحوزة الدينية، ومنظروا الأحزاب الشيعية، وقادة الجماعات الإسلامية الموالية لطهران، وألوية المليشيات العسكرية، ودهماء الجيوب المدسوسة هنا وهناك النيل منه صراحة وبالاسم، وإلصاق تهمة الإرهاب والتطرف فيه - مع أن داعش صنيعة إيرانية 100%-.
لقد وظف هؤلاء المصفدين بالعنصرية النتنة والطائفية المقيتة من أخصم أقدامهم حتى مفارق رؤوسهم اسم الإسلام بشكل خبيث، ومدوا جسور التواصل مع جماعات وأحزاب تريد ضرب بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية باسم الإسلام - كما هو مثبت في التقارير الاستخباراتية والوثائق الدولية - والإسلام مما هم فيه من حال وما يقومون به من صنيع براء، براء، بل يوُجب على أهل الحق كشف حقيقية هذا الخطاب، وتبيان معالم الخير للناس كل الناس، وبجميع اللغات وفي كل المناسبات وعلى جميع الأصعدة والمستويات.
لقد استهان هذا الخطاب المغشوش منذ ميلاده عام 1971م - حيث بداية حكام آية الله الخميني لإيران - وحتى تاريخ هذا اليوم بقدرات العقول وإرادات الشعوب وظن أن بإمكانه البقاء أطول من ذلك وهو يمارس الكذب على الاتباع واللعب على المتناقضات، وجاء مؤتمر المعارضة الإيرانية في دورته السنوية هذا العام - والذي انطلق يوم السبت الماضي في العاصمة الفرنسية باريس- ليكشف شيئاً مما خفي على البعض من متابعي المشهد السياسي الإيراني/ العربي اليوم، وليقول للعالم بأسره ما هي خفايا هذا الخطاب الملالي، وليذكر بعضاً من معالم الأجندة التي يتحرك بها أصحاب هذا الخطاب في الشرق الأوسط خاصة الدول القريبة منهم، وكانت بلا منازع كلمة صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل الرئيس الأسبق للمخابرات السعودية الكلمة الفصل التي حملت رسالة واضحة للملالي، وبينت كم هو مضلل ودجال هذا الخطاب الدموي الذي يمارس التهميش للكل ولا يعتد إلا بما يراه هو حقاً، مفرقاً - حفظه الله ورعاه - بين النظرة العربية للثقافة الإيرانية والإسهامات الفارسية وبين النظام الخميني الذي (...لم يجلب سوى الدمار والطائفية وسفك الدماء ليس في إيران فحسب وإنما في جميع دول الشرق الأوسط...).
وكما هتف حضور هذه المناسبة في ثنايا كلمة الفيصل «الشعب يريد إسقاط النظام» ورد - رعاه الله - عليهم بقوله «وأنا أريد إسقاط النظام» فليكن همنا جميعاً ودعاؤنا « أن تتحقق هذه الأمنية وأن يسقط هذا النظام المتكئ على خطاب ملالي هش ومتصدع ولا يمكن له الصمود أكثر من ذلك، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.