حوار - عبدالله المالكي:
عندما يتم اختيار الأكاديميين للعمل وخصوصاً في المجال الرياضي بعد سنوات طويلة من العلم واكتساب الخبرة فإننا نكون اكثر المتفائلين بما يملكونه من فكر ونضوج علمي عال يسهم بدرجة كبيرة في تحقيق طموحاتنا وتطلعاتنا لمستقبل زاهر لرياضتنا فالمبدعون لهم حب وتقدير واهتمام نظير ما قدموه من عمل خلال السنوات الماضية.
ضيفنا اليوم هو الخبير بأخلاقه وأدبه وعلمه وتواضعه وصراحته الدكتور عبداللطيف بخاري خريج جامعة بتسبرج الأمريكية أستاذ الإدارة والقانون الرياضي عضو مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم فإليكم هذا الحوار:
* كيف ترى وضع اتحاد الكرة اليوم؟
- لو شخصت التجربة التي مر بها في السابق فهي تعتبر فريدة لكون الاتحاد يتحول إلى اتحاد منتخب وهذه خطوة رائعة لكن المشكلة في المنظومة فهي منظومة مهزوزة ومفككة تحتاج إلى عمل كبير وإعادة صياغة في تركيبها، كان عمل الاتحاد في اول سنة ونصف يسير بشكل جيد جدا وشفاف بدرجة كبيرة وكان العمل يتم وفق معايير وضوابط تم الاتفاق عليها مع اعضائه لكن بعد ذلك تغير الحال وأصبحت القرارات لا تخضع للضوابط والمعايير، وتأتي بعض القرارات مطبوخة جاهزة كما أن دور الجمعية العمومية ضعيف جداً وغير واضح وينقصه الشيء الكثير من الشفافية والوضوح في العمل، والجمعية غير قائمة بدورها الحقيقي الرقابي والتشريعي في رأيي الشخصي، وبكل أسف هذا الحال ينطبق على الجمعيات العمومية في المؤسسات الرياضية من أندية واتحادات بل هي عبارة عن شكل ليس له معنى تطبيقي ولغياب هذا الدور أصبح هناك فجوة بين مجالس الإدارات في الأندية والاتحادات وبين الأعضاء المنتمين للمؤسسة، على العموم العمل التنفيذي في الاتحاد دون المستوى الذي كنّا نطمح له من الناحيتين الأولى الناحية الإدارية فهناك بطء شديد في الإجراءات التنفيذية بل تهميش لتنفيذ بعض القرارات الصادرة من مجلس الإدارة بالإضافة إلى مركزية العمل التي تتمحور في الأمين العام ناهيك أن هناك ضعفا شديدا في المتابعة الإدارية من قبل الرئيس ونائب الرئيس، وعلى سبيل المثال محاضر الاجتماعات لمجلس الإدارة كانت تتأخر أكثر من شهر ولا يتم إحاطة المجلس بما تم حيال القرارات السابقة، فالمجلس مُغيَّب كثيراً، أما الناحية الثانية فهي عدم وجود موازنة عامة سنوية للاتحاد توضح مصادر وحجم الدخل المالي المتوقع وكيفية توزيع هذا الدخل على الأنشطة الأساسية فمثلاً لم يتم يوما ما عرض يوضح فيه كم المتوقع الذي يتم صرفه على المنتخب الأول؛ على نشاطات اللجان؛ على التطوير؛ والرواتب والمكافآت...إلخ.
* ما مدى رضاك عن أداء مجلس إدارة الاتحاد خلال السنوات الثلاث الماضية؟
- التجربة الاساسية ناجحة لكن هناك معوقات تقف ووقفت في طريق المجلس مثل تغييب المجلس عن بعض الأعمال الإستراتيجية فمثلاً، حين تم وضع النظام الاساسي الجديد وصل للمجلس جاهز رغم أن هناك قرارا بتشكيل لجنة لمراجعته مع الشركة التي وضعت المسودة وبقدرة قادر تم تشكيل لجنة لم يشارك فيها أعضاء المجلس، أيضاً وبالرغم من أن المجلس وافق على الإستراتيجية العامة لمنظومة كرة القدم إلا أننا فوجئنا بوضع إستراتيجية أخرى للمنتخب ودون مشاركة من لجنة الدراسات الإستراتيجية أو أعضاء المجلس ودون إحاطة المجلس بالمبلغ المالي الذي كلفه هذا العمل، وكذلك عدم الجلوس للتشاور والتحاور مع إدارات الأندية الرياضية (وهم الشركاء الحقيقيون) أو المسؤولون عن كرة القدم، وكذلك الحال مع الشركاء الآخرين مثل الإعلام، والرابطة... الخ.
كما أن من المفترض أن يعمل مجلس إدارة الاتحاد خلال السنوات الأربع على تحقيق رؤية سعادة رئيس مجلس الإدارة التي وافقنا على أن تكون خارطة طريق للمجلس، حيث بدأ المجلس بهذا الفكر وبعد سنة، أصبح كل يُغنّي على ليلاه وبكل أسف انعدم التنسيق والتجانس في العمل، والعمل اصبح يسير بشكل غير ممنهج وبدون الأخذ في الاعتبار الأهداف الموضوعة في الخطط التي وافق عليها مجلس الإدارة.
* هل تعتقد أن مجلس إدارة اتحاد الكرة قد نجح خلال فترة عمله الحالية في تحقيق الاهداف المناطة به؟
- كمجلس إدارة هناك اجتهادات وهناك أطروحات ومبادرات ممتازة تقدم بها بعض الأعضاء، ورغم جودة هذه الأفكار إلا أنها تكون فردية ولا يتم تطويعها للخطط العامة بالإضافة إلى أن بعضها يدخل في غياهب الجب لدى الأمانة العامة، فأغلب اللجان في الاتحاد الحقيقة قامت بأدوار رائعة وأعمال تطويرية ممتازة ولكن الربط والتنسيق العام مع الرؤية والأهداف فيها عدم ضبط وربط من ناحية الشفافية في الطرح مفقودة بشكل كبير وحتى وإن تم طرح رأي صريح وشفاف تظل ردة الفعل تجاه هذا الطرح فيها الكثير من علامات الاستفهام، وهناك خلط لدى بعضهم حين يتم مناقشة عمل معين تابع إلى لجنة ما، ترتفع درجة حساسية رئيس اللجنة ويؤخذ الموضوع بصورة شخصية.
* هل حقق اتحاد الكرة الإضافة المرجوة للكرة السعودية على صعيد المنتخبات والمسابقات؟
- رغم أني لا أخوض كثيرا في موضوعات المنتخبات، إلا أني أرى اجتهادات فردية هنا وهناك، والمشكلة التي أقف أمامها حائراً لماذا يتم حجب التقارير الفنية والإدارية عن مجلس الإدارة رغم مطالبتنا كثيراً بذلك، مثلاً الأستاذ سلمان القريني قدم تقرير عن المنتخب بعد انتهاء مهمته ولم يتم عرضه، وآخر تقرير طالبنا به هو تقرير إخفاقات المنتخب الأولمبي وقد صرح الأستاذ صالح أبو نخاع بكلمات تعتبر خطيرة على طاولة الاجتماع ولكن حتى اليوم لم يتم عرضه، شخصياً أقول لم يتم العرض خلال الاجتماعات التي حضرتها حتى حجم المصروفات التي يتم إنفاقها على المنتخبات لا نعلم عنها شيئا.
* ما هي رسالة اتحاد الكرة، وما هي رؤيته؟
- لا أخفيك إذا كان العمل في الاتحاد بهذا الوضع فهو لا يدعو للتفاؤل، لأننا لم نوظف العمل بشكل جيد وهذه مسؤولية وطنية يجب أن نساهم فيها بشكل جيد نخلص للعمل ونتخذ القرارات المناسبة ونضع التخطيط السليم والصحيح ونشرك المسؤولين في الأندية بآرائهم ونعمل على زيادة التوعية للناس، وما أشاهده ثقافة ضحلة وعمل غير احترافي روتيني، كل يعمل في واد ويجب أن نعمل وفق الضوابط التي تساعدنا على النجاح، والتفاؤل الوحيد هي رؤية 2030 والتي تطوع وتعديل الخطة الإستراتيجية لمنظومة كرة القدم على أساسها وهذه الخطة بكل أسف تم تعطيل تفعيلها والانتهاء منها لأكثر من سنة ونصف رغم مخاطبتنا الرسمية للإدارة.
* لكونكم متخصصين في الإدارة والتنظيم ما هي إسهاماتكم في هذا المجال داخل اتحاد الكرة؟
- وضحت في بداية عمل مجلس الاتحاد بأنني أحمل ثلاث حقائب سنعمل عليها:
1 - خطة إستراتيجية لتطوير منظومة كرة القدم في المملكة.
2 - العمل على تحويل العمل في الاتحاد من أسلوب الفردية إلى العمل المؤسسي وضرورة دراسة هيكلة الاتحاد والأمانة العامة بما يتوافق مع الوضع الجديد للاتحاد والأمانة، وأن يكون العمل مؤسسيا لكني وجدت محاربة وتسويفا من الأمين العام، حيث اتخذ مجلس الإدارة ثلاثة قرارات بهذا الصدد ولم يتم تفعيلها لليوم وكان القرار الرابع تعيين مساعد للأمين العام منذ أكثر من أربعة أشهر ولم يتم كذلك تفعيله.
3 - العمل على تطبيق الحوكمة الرشيدة في الاتحاد العمل بدرجة عالية من الشفافية في النواحي والإجراءات الإدارية والمالية والفنية.
4 - تقدمنا في لجنة الدراسات الاستراتيجية بالعديد من الدراسات والأفكار.
5 - وجهت أكثر من ثمانية أبحاث لطلابي في الدراسات العليا لدراسة بعض الظواهر والمشاكل المتعلقة بالاتحاد السعودي لكرة القدم.
* كيف تقيم وضع الجمعية العمومية لاتحاد الكرة وممارستها دور الرقابة والمتابعة والمحاسبة؟
- في تصوري الشخصي ان الجمعية العمومية الأولى كانت تسير في طريق جيد حتى تحول عمل بعض إلى الصراع المستمر والشخصي من اعضاء الجمعية وهذا لم يساعدها على الاستمرار ناهيك أن ما حصل في تقديم الاجتماع الاستثنائي على الاجتماع العادي في آخر اجتماع كان فيه دهاء والتفاف على أعضاء الجمعية، وهذا مخالف للوضع القانوني وخطأ إداري فادح لأن الاجتماعات العادية تُقدم ولها أولوية على الاجتماعات الطارئة أو الاستثنائية، أما الجمعية العمومية الحالية فهي مجرد وجود دون حِراك فلم أسمع أو أرى مطالب من أي عضو عن الإنجازات أو الموازنات أو ما تحقق من البرنامج الانتخابي أو الطرح الشفاف الذي يعين على تطوير العمل، الجمعية العمومية في النظام الأساسي مع الأسف في وجهة نظري عليها الكثير من علامات الاستفهام سواءً من حيث تكوينها وممثليها أو من حيث صلاحياتها وتمكينها من أداء واجباتها.
* هل لديك الرغبة في الترشح لمجلس إدارة اتحاد الكرة القادم؟
- لا ليس لدي الرغبة في الترشح ولن أتقدم للترشح لعضوية مجلس اتحاد.
* هل مجلس إدارة اتحاد الكرة يعمل بالدرجة الكافية من الشفافية فيما يخص الجوانب الإدارية والمالية؟
- بصراحة لا.. بعض الأحيان يحصل نوع من الشفافية ولكنها شفافية حانية في الطرح وليس في المحاسبة والمواجهة والحقيقة فمعظم الأعضاء يغلب عليه الحياء والخجل في الطرح وربما هناك لَبْس لدى بعضهم بين العلاقات الشخصية والعمل، جميع أعضاء المجلس تم انتخابهم وهم مؤتمنون أمام الله أولاً ثم أمام من انتخبهم ولذا فالجميع شركاء في النجاح أو الإخفاق فالرئيس ونائب الرئيس هما أيضاً شركاء وليسا وصيين، وهناك أدوار كان يجب على كل شخص القيام بها سواء في الجوانب الادارية او المالية.
* الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) تراقب أداء الوزارات والجهات الحكومية هل ترى أنه من المناسب ان يخضع اتحاد الكرة لرقابة الهيئة أيضاً؟
- هذا يدخلنا في إشكالات ودور الرقابة هو دور الجمعيات العمومية سواء كان ذلك في الاتحادات أو الأندية، وغياب هذا الدور هو ما جعل أ غلب المؤسسات الرياضية تسير نحو الهاوية لأنه لا يوجد من يحاسب.
* هل مرشحو اتحاد الكرة للاتحادات الخليجية والقارية يمثلون الكفاءات المناسبة لتلك المواقع ولهذا ترشيحهم تم وفقا للإجراءات المتبعة وبموافقة المجلس؟
- الترشيح كان في بداية المجلس يخضع للضوابط والمعايير التي وضعناها ووافق عليها المجلس، ثم بعد ذلك أصبحت تخضع للمجاملات في بعض الأحيان والقرارات الفردية في بعض الأحيان والإملاءات في بعض الأحيان، وظلت الضوابط والمعايير حبيسة الأدراج.
* لماذا تعترض باستمرار على طريقة وأسلوب اجتماعات مجلس إدارة الاتحاد؟
القصة ليست اعتراضا هي وجهة نظر وطرح شفاف وصريح فأنا لست أمعة لدي فكري وخبرتي، وأنا رجل أناقش بكل جرأة وشفافية ودوما أرى بأن نقد العمل لا يعني المساس بالشخص كل ما أكتب خارج نطاق مجلس الادارة سبق وأن طرحته على مجلس الإدارة عن طريق خطاب أو إيميل أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي وحين لا أجد الإجابة حول ما أطرحه اتحدث (فالساكت عن الحق شيطان أخرس)، العمل هو للجميع نعمل لكرة القدم وعملنا سلسلة مرتبطة ببعضها البعض لكن لا أجد الأذن الصاغية وكان يجب ان يكون عملنا مستمرا حتى للإدارات القادمة.
* هل أنت نادم على وجودك في الاتحاد؟
- تستطيع أن تقول إنه أصابني الندم في بعض الحالات فجوابي هو «نعم»، ولكني استفدت الخبرة رغم ما فيها من جمال ومرارة ولكنني ندمت، وأقسم بالله العظيم أنني كنت أنتظر الجمعية العمومية لأقدم استقالتي، ولكن عندما دخلنا مجال الصراع كان يجب أن أواصل لأن الحياة كفاح وجهاد وفي الحرب تخسر معركة ولا تخسر الحرب كلها، وحقيقة اكبر مشاكل الكرة الثقافات الضحلة.
* منذ فترة طويلة وأنت تنتقد طريقة وأسلوب العمل في الاتحاد ولم يتغير شيء لماذا لم تستقل كتعبير عن الاحتجاج ولكيلا يحسب عليك الفشل ويسجل ضمن سيرتك الذاتية؟
- أنا كتبت احتجاجات وعارضت بعض القرارات وأيدت واستحسنت بعض القرارات نحن في عمل والعمل أمانة يجب أن تحارب ولا تنسحب فقد تخسر معركة وقد تكسب جولة وفي الأخير لا يصح إلا الصحيح.
* هل هناك أعضاء صامتون ولا دور لهم لماذا؟
- كُل له قناعاته وأسلوبه في الحياة والعمل الأمر الطبيعي، فهناك الصامتون وهناك المشاغبون وهناك المسالمون.
* هل الانتدابات والسفريات أهداف يبحث عنها بعض أعضاء الاتحاد؟
- والله لا أعلم ومن الصعب الحكم بذلك، لكن تحصل هناك صراعات حول أشياء معينة مثل ترشيح مناصب أو رئاسة وفد.
* لماذا تولت الهيئة قضية شبهة التلاعب في دوري الدرجة الأولى ولم يتول الاتحاد التحقيق؟
- قد يكون اجتهادا من الهيئة وقد يكون تدخلا غير مُبرِر وغير قانوني، وقد يكون هناك ضعف ووهن في الاتحاد أو قد يكون هناك تواطؤ وعمل تحت الطاولة، ولكن التدخل غير المبرر ابدا ولو رفع هذا الامر للاتحاد الدولي قد يتضرر نشاط اتحاد الكرة.
* كيف ترى لجنة الأخلاق؟
- من الألغاز التي لم أفهم شفرتها حتى اليوم هو لماذا لم يتم تشكيلها رغم مطالبتي شخصياً وبعض الزملاء مرارا وتكرارا بضرورة تشكيلها ورغم أننا وضعنا لها ضوابط ومعايير في الاختيار ورغم أننا رشحنا لها بعض الأسماء لتشكيل اللجنة.
* ما هو تعليقك على ما حدث بخصوص الرخصة الآسيوية التي منحت للأهلي والنصر من قبل الاتحاد؟
- ليس عيبا أن تكون هناك أخطاء تحصل ولكن المُعيب عدم الاعتراف وعدم الشفافية والتبريرات والدفاع غير المنطقي.. الحقيقة هذه سقطة يجب أن نعترف بها ومن المفترض محاسبة المخطئ وتصحيح الخطأ.