عبدالله العجلان
لم أتساءل وأنا أقرأ الأرقام المهولة لديون الأندية الكبيرة عن أسبابها ومن أين أتت وكيف أنفقت لأنني وغيري كثير نعرف الإجابة عنها ولدينا إلمام بما يدور داخل معظم الأندية من فوضى وتلاعب لدرجة الفساد بطريقة مباشرة أو من خلال المستنفعين من وسطاء اللاعبين والإعلاميين المطبلين، كان سؤالي ومصدر حيرتي وانزعاجي يتمثل في: غير هذه الديون هنالك مئات الملايين أنفقت فماذا قدمت الأندية عبر ميزانياتها الضخمة للمجتمع وللوطن والمواطن؟!
المؤلم في الموضوع أنها خسرت في سنوات قليلة مليارات الريالات ومع هذا لم تنجح رياضيا وكرويا، لم تقدم الإمتاع والإثارة والندية والمنافسة كما في عقود مضت، لم تسهم في دعم المنتخبات الوطنية بالنجوم وبالتالي في تحقيق إنجازات تسجل باسم الكرة السعودية سواء على الصعيد العالمي والآسيوي أو حتى الخليجي، لم ترتق وتتميز في تعاقداتها مع المدربين واللاعبين، لم تستفد منها في إقامة مشروعات استثمارية مستقبلية، كما أنها لم تسهم في خدمة المجتمع ثقافيا واجتماعيا وترفيهيا، هي لم تكتف بذلك بل أصبحت مرتعاً لسوء الإدارة وانعدام الانضباط سلوكيا وأخلاقيا وفنيا، تنتج ثقافة الكراهية والعدوانية، تتنافس على تصدير لغة الشتم والإيذاء والتنديد والتشكيك بالذمم، تحولت إلى بيئة مزعجة طاردة تثير الاشمئزاز والتندر والتذمر من غالبية فئات المجتمع..!
تخيلوا ميزانية النادي الواحد في الأندية الكبيرة تتجاوز سنويا الـ200 مليون ريال والنتيجة كما ترون، ديون متراكمة وإخفاقات متواصلة وضجيج إعلامي لا ينتهي واحتقان جماهيري يتصاعد، أي أنها بلا جدوى ولا معنى وما تصرفه من ملايين ليس له أي مردود فني على الفريق ولا نفسي ومعنوي على جماهيره ولا منجزات عليها القيمة تحسن صورة حاضرة أو تبني مستقبله، حتى من يعمل ويضحي ويبذل بدءا من الرئيس وأعضاء مجلس الإدارة مرورا بأعضاء الشرف وانتهاء بالجمهور في المدرجات أو أمام الشاشات لم يعد لهؤلاء جميعا ذلك الاحترام والتقدير والتثمين لجهودهم والإنصاف لوقفاتهم..
الهيئة العامة للرياضة وقد بدأت في إعادة ترتيب وضبط الجانب المالي للأندية وهي خطوة جميلة ومهمة ومؤثرة على كيانات الأندية يشكر عليها الأمير عبدالله بن مساعد الرئيس العام للهيئة الذي سبق أن أعلن عن عزم الهيئة اتخاذ عدة إجراءات تنظيمية للأندية بشكل عام، لكن يتبقى الأهم وهو سرعة تنفيذ ما يتعلق بهيكلة الأندية وجمعياتها العمومية وتقسيمها من حيث الممارسة والمنافسة وتطبيقها بلا مجاملة لهذا الرئيس أو استثناءات لذلك النادي، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تفقد الجماهير الثقة بوجود الأندية وبجدوى استثمارها بعد تخصيصها.
لا مكان للمرجفين!
امتدادا لما تقدم، ولتوفير أجواء صحية نقية محفزة للأندية لأداء عملها وفق التنظيمات الجديدة للهيئة، وحتى لا نستمر في دوامة الصخب الإعلامي المتوتر المعطل لكل محاولات التصحيح للأندية أو القطاع الرياضي عموما، مطلوب من الهيئة الرياضية بالتنسيق مع وزارة الإعلام والجهات ذات العلاقة إقرار نظام رسمي حازم يقف في وجه التجاوزات والمهاترات الإعلامية أيا كان مصدرها والمروج لها والمستفيد منها بعد أن تحولت إلى معاول هدم وتهييج وتأجيج لجماهير الأندية.
من غير المعقول أن تترك الأمور هكذا سائبة، لا قانون يحمي المتضررين ويتصدى للعابثين المتطاولين على حقوق ومشاعر الآخرين، وخصوصا أن الكثيرين منهم لا يملكون أدنى المؤهلات والقيم المهنية، وزاد الطين بلة أن بعض المطبوعات والقنوات تختارهم لهذا السبب ولبراعتهم في الصراخ وقلة الأدب، ما جعل الوسط الرياضي بكل مكوناته يغلي ويتفاعل بنفس الفكر مع هذه الأطروحات وأيضا التصريحات والبيانات المتشنجة التي باتت العلامة الفارقة للأندية الغارقة في مشاكلها..
لابد من وضع لوائح وأنظمة تنظف المجتمع الرياضي من شوائبه المزعجة، وترتقي بعقول وفكر وممارسة المنتمين إليه والمتابعين له، وتعيد للأندية وللكرة ومنافساتها إثارتها الجميلة ومخرجاتها القوية المتميزة على مستوى الفرق والمنتخب وهو الأهم.