فقيه الظنون: إنسان يصطف ليبرز كفقيه، يذاكر بعض الأدلة الشرعية، ويصف الواقع قديما أو حاضرا، ليخرج برؤية أو رأيا، ويظهر ذاته بأنه ليس مفتيا، إنما يستدرك على الفقهاء بعامتهم أو بأعيانهم، سابقهم ومتأخرهم.
والسؤال الثاني: ماذا يفعل؟
يتابع الدلالة الظنية في الأدلة الشرعية بشغف، فيزيد في وصف المتشابه والظني، ليجعله المتشابه من المحكم وظني الدلالة من قطعي الدلالة.
يوغل ليصف الحقيقة بأنها ليست ملكا للفقهاء، وأنها متاحة للجميع لملاحقتها وتحديدها.
مراجعة في تأريخ الفقه والعقيدة والحديث تجعل المتلقي المتابع يحكم على فقيه الظنون بأنه يعيد التأريخ، ولا أكثر من ذلك، فمع كل طامة فقهية ستجده قد ورثها من المشاغبين السابقين في عالم الفقه عموما، والفقه الأكبر خصوصا.
فقيه الظنون لا يقف أبدا عن تزوير التأريخ والعقيدة والنصوص والأحكام والنقل، ويتعاظم بصياغات متتالية، لتغيير صياغات استخدام العقل التي صادم بها السابقون الفقهاء المعتبرين من أوائل الإسلام.
لماذا تسميته بفقيه الظنون أو تسميتهم بفقهاء الظنون؟
لأنهم ظنوا أن الناس ستسلم لهم بكل ظنونهم في الأحكام الدينية، وأن الناس تسعد بتضخيمه أو تضخيمهم للدلالة الظنية في كل نص، ويكونوا في عرضهم هم الفقهاء الكبار، تعظيما لذواتهم، واستحقارا لغيرهم من الفقهاء.
كيف تتعرف على فقيه الظنون؟
تجده يستدل بظاهر الأدلة، وبعضهم يكتفي بأدلة القرآن الكريم ويقدم ظنونه على ظنون غيره، أو يغلو في الاستدلال بدليل أو ببعض الأدلة.
العلماء في السابق قسموا لأدلة ظنية وأخرى لقطعية، وعلى مر العصور وجدوا العديد من الظنون لدى أقرانهم ممن عاصروهم أو ممن سبقوا عصرهم ببضعة أعوام، لأسباب كثيرة، منها الاجتهاد وسماع وعدم سماع الأدلة وبعد سكن بعض الصحابة رضي الله عنهم عن بعض، وصعوبة الحصول على الدليل المتوافر عند أحدهم، وغير ذلك من أسباب اختلاف العلماء في المسألة الواحدة، ولكن، فقيه الظنون غاب عنه طرق الفقهاء في الترجيح ومعرفة الإجماع من عدمه، وغيره من صناعة الفقه والحديث، فأتبع أسبابه ليتمسك بالظنون الضعيفة، حتى لو وجد الترجيح ميسرا في هذه الأيام، الذي تيسر معه معرفة الظنون الأقوى، إن صح التعبير، فصار يسخر من الفقه المقارن وغير ذلك، وهذا من ظنونه العجيبة، التي يجعلها من المسلمات في سياق عناده لغيره، ويتعاظم في السخرية من كل دلالة ظنية، ليثبت أنه وجد فتحا عظيما، ليحاول إزالة مكانة الفقهاء، وجعل ظنه في الاستدلال هو الأقوى أو سببا لنحر كل الأدلة الظنية، ناهيك عن استغلال الخصومات الفقهية في الفروع والأصول، ليزيد في فصولها، عبر صياغات جديدة، جعلت الغائب عن تراث الفقه يغتر ويخدع بما يخرج به فقيه الظنون، نعم فقيه الظنون لأنه مع كل ظن في دلالة متعصب لظنه فقط.