يمثل التعليم حجر الزاوية في كيان أي بلد يسعى بخطى حثيثة ليواكب التطورات المستجدة في هذا العصر. ومن هذا المنطلق فقد أولت حكومتنا الرشيدة التعليم جل مسؤولياتها، وحملت على عاتقها مهمة نشر العلم في كل أرجاء البلاد؛ ليشاركها بذلك القطاع الخاص، الذي كان له دور كبير في تطور التعليم في بلادنا الغالية. وإذا كان العلم يمثل الشريان الذي يحمل لكل أمة روح الحياة فإن هذا العمل يجب أن يحظى بكل ما يتطلبه العلم من سبل وإمكانات؛ لكي يتم التعليم وفق برامج وأسس صحيحة لتعلمه وتطوره والسمو به عن مواطن الجهل والتخلف، وإنارة العقول وإثراء التفكير. وما من دولة جعلت التعليم هدفها ووسيلتها للتنمية والتطور إلا نجحت في الانطلاق الحضاري، وحققت قفزات مهولة على مستوى الناتج القومي والدخل الفردي للأشخاص. ولقد أولت حكومتنا الرشيدة التعليم أهمية كبيرة؛ والدليل أن مستوى الإنفاق عليه فاق كل القطاعات الخدمية الأخرى، وتحققت نتائج جيدة، لكنها لم تكن مرضية لصناع القرار وخبراء التربية، وكانت الظروف الإدارية والتنظيمية والهيكلية التي تحكم النظام التعليمي الحكومي سببًا في ذلك. ولقد التفت مجلس الشؤون الاقتصادية في رؤيته نحو التحول الوطني 2020 التي أعلنها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وشملت تطوير عمليات جميع القطاعات الحكومية والخاصة، ومنها التعليم، لوضع خطة وهيكلة للتعليم على مستوى المهام والتنظيم والوظائف؛ فكانت هناك مبادرات اقتصادية من وزارة التعليم نحو تحرير التعليم من قبضة البيروقراطية، والاتجاه نحو تخصيصه، وإشراك القطاع الخاص في قيادة التعليم لتحقيق هذه الرؤية. ولكون التعليم الأهلي يمثل رافدًا مساندًا للتعليم الحكومي بجميع مراحله فقد حظي التعليم الأهلي في الآونة الأخيرة بمكانة متميزة لدى أولياء الأمور، ولدى المسؤولين عن التعليم، بما قدمته المدارس الأهلية من صياغة المناهج وتطوير أساليب التعليم فيها، وما توفره هذه المدارس من خلال مرافقها وأنشطتها للطلاب من أجل الارتقاء بهم إلى أعلى المستويات من الناحية العلمية. ولعل هذا ما دعا المسؤولين عن التعليم في المملكة إلى تبني التعليم الأهلي وتشخيصه، والعمل على تنميته وتوسعته، وتقديم الإرشادات والمساعدات من أجل رفع مسيرة العملية التعليمية، وذلك بالتوسع في منح القروض المالية، وإزالة المعوقات الإدارية في افتتاح المدارس الأهلية بمسارات التعليم المحليوالأجنبي كافة. كما تدرس الوزارة تسليم التعليم الحكومي للقطاع الخاص في بعض تجاربها الآنية. ولا شك أن ذلك سيزيد مساحة مشاركة التعليم الأهلي في التنمية، وسيلعب دورًا في ذلك. كما أن توجُّه التحول الوطني إلى التركيز على نوع المخرج للتعليم، وذلك بتبني تعليم فعال ودائم عن طريق تغيير منهجيات وأدوات التعليم التقليدي، والاتجاه نحو التعلم النشط والفعال، وتدريب كوادر التعليم وقياداته كافة على تبني استراتيجيات وأساليب تعليم تتمحور حول أداء الطالب، وتجعله هو من ينتج المعرفة، ويملك أدوات التعلم؛ ليصبح فيما بعد متمكنًا من مهارات سوق العمل وملبيًا لها. والتعليم الأهلي مثال حي على نجاحه في هذه الرؤية الوطنية؛ والدليل تصدر نتائج مخرجاته الاختبارات الوطنية والدولية. كما أن درجة المرونة التي يتصف بها في إقرار برامج ونظريات تطوير التعلم لديه بدينامكية وفعالية واختزال عشرات الإجراءات التي تتبعها الحكومة تلعب دورًا مهمًّا نحو هذه الرؤية الوطنية، ويتوقع أن تتحقق أهداف هذا الاتجاه مع استدامة الدعم والتشجيع للقطاع التعليمي الأهلي في التوسع الأفقي والرأسي؛ ليصل إلى رقم مهم في خارطة التعليم العام والعالي كمًّا ونوعًا. ولا شك أن تنوع وإبداعية وجدوى المبادرات التي تقدمت بها وزارة التعليم لتفعيل دور القطاع التعليمي الخاص ومدى واقعيتها هي السبيل إلى تبني التعليم الأهلي لها وتقبلها وتحويلها إلى نتائج ذات كفاءة تتطابق مع أهداف رؤية التحول الوطني، وهذا ما تضمنته خطة رؤية 2030 للتحول الوطني وشددت عليه؛ إذ تبلغ عدد المدارس الأهلية حاليًا حسب إحصائية 1437 أكثر من (3500) مدرسة منتشرة في مناطق ومحافظات المملكة، ويمثل الطلاب السعوديون النسبة الأكبر بها. ويتوقع أن يزداد نمو هذه المدارس وفقًا للرؤية المستقبلية لتحقيق رؤية السعودية 2030. حقيقة، إن اكتساب القدرة أثناء التعليم يكلف دائمًا نفقات مالية على الدولة. وسيخفف القطاع الخاص على ميزانية الدولة أكثر من 12 مليار ريال.
د. رشيد بن عبدالعزيز الحمد - عضو المجلس التنفيذي لشركة المدارس المتقدمة