أرشدنا نبينا صلى الله عليه وسلم إلى التواضع بتواضعه وأبرزه كقيمة ضمن منظومة القيم الأخلاقية في سيرته العطرة بشتى طرق الإرشاد والبيان، فقد اتصف به صلى الله عليه وسلم في جميع مراحل حياته وفي مختلف الظروف، فتواضع لله سبحانه وتعالى وتواضع لإخوانه الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام كما سبق بيان ذلك.
وكان التواضع سمة له في سائر أحواله حتى إن الصبية والضعفة نالوا حظاً من تواضعه الجم، حيث كان عليه الصلاة والسلام يمر على الصبيان فيسلم عليهم، وكانت الأمة تأخذ بيده فتنطلق به حيث شاءت، وكان إذا أكل لعق أصابعه الثلاث، وكان يكون في بيته في خدمة أهله، وكان يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويحلب الشاة لأهله، ويعلف البعير، ويأكل مع الخادم، ويجالس المساكين، ويمشي مع الأرملة واليتيم في حاجتهما، ويبدأ من لقيه بالسلام، ويجيب دعوة من دعاه، وكان هين المؤنة، لين الجانب، كريم الطبع، جميل المعاشرة، طلق المحيا، متواضعاً من غير ذلة، جواداً من غير سرف، رقيق القلب رحيماً بكل مسلم، خافض الجناح للمؤمنين، لين الجانب لهم. وجميع خصاله المباركة كانت تخالف خصال الجبارين.
ومن تواضعه عليه الصلاة والسلام ما كان عليه من حسن عشرة مع نسائه، وكان صلى الله عليه وسلم لا يحب أن يهابه الناس هيبة الملوك. وقد قال عثمان رضي الله عنه يصف النبي صلى الله عليه وسلم: إنا والله قد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر، فكان يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير.
المشرف على كرسي المهندس عبد المحسن الدريس للسيرة النبوية بجامعة الملك سعود
adelalshddy@hotmail.com