«الجزيرة» - سعود الشيباني:
المراقب للعمليات الإرهابية التي تنفذها عناصر «داعش» الإرهابية بعدة دول يؤكد أن التنظيم غير مرتبط بدين أو طائفة معينة فتجده يقتل السنّة في تونس وليبيا وكذلك الشيعة في الكويت والمسيحيين في فرنسا ليثبت لجميع الطوائف والأديان أن الإرهاب لا دين ولا وطن له، وفي هذا الإطار بددت الأجهزة الأمنية السعودية أحلام التنظيم الإرهابي «داعش» وأحبطت عدة عمليات خلال الـ3 الأعوام الماضية، حيث كشفت مصادر لـ»الجزيرة» أن الإنجازات الأمنية في المملكة نجحت في القبض على 3642 متهمًا بالانضمام للتنظيم الإرهابي من أبرزها «داعش» من 40 جنسية، بينهم أمريكي وفرنسي وصيني وعدة جنسيات مختلفة، بعدة مواقع في مناطق المملكة، وشهدت بعضها مواجهات مسلحة، وضبط ببعضها على أسلحة ومتفجرات، وسيارات في إطار التشريك ووثائق وأجهزة إلكترونية. فيما استشهد خلالها الضربات الاستباقية 33 من رجال الأمن ومقتل 49 من الإرهابيين في مواجهات مسلحة مع رجال الأمن في عدة مواقع فيما فجر عدد منهم في 6 مساجد منها مسجد القديح والعنود بالمنطقة الشرقية ومسجد قوات الطوارئ الخاصة في عسير ومسجد بالقطيف والمدينة المنورة.
وكشفت مصادر موثوقة لـ«الجزيرة» أن الـ3642 متهمًا الذين يقبعون بسجون المباحث ما زالوا رهن التحقيقات والبعض منهم تم الحكم عليهم بأحكام مختلفة ما بين الحد بالحرابة والسجن لمدد مختلفة، وينتمون لتنظيم داعش وأغلبيتهم صغار السن ويجهلون كثيرًا من فنون القتال وتورط عدد منهم بمراسلة عناصر تنظيم داعش خارجيًا، فيما تم القبض على بعض منهم بعد مراقبة ترددهم وتواصلهم بالتنظيم عبر مواقع إلكترونية.
فيما ركز تنظيم داعش على توريط عناصره بقتل أقاربهم كما فعل عنصران إرهابيان قبل أسبوعين بقتل والدتهما المسنة شرق الرياض وإصابة والدهما وشقيقهما بإصابات مختلفة.
وفي إطار العمليات الإرهابية التي حدثت في المملكة ومدى تورط عدد من المنظمات والدول بها أشار اللواء الدكتور علي بن هلهول الرويلي بأصابع الاتهام لإيران، قائلاً: إن الدور الإيراني في خلق عدم الاستقرار بالوطن العربي أصبح واضحًا وجليًا ولا يحتاج إلى تحليل.
كاشفًا خلال حديثه لـ«الجزيرة» أن إيران هي الداعم الأساسي والرئيس لـ «داعش» والفصائل المتشددة في كل من العراق وسوريا وليبيا ولم تتوقف عند هذا الحد، بل سعت وتسعى الآن إلى خلق فصائل متشددة ومتطرفة من الشيعة في استنساخ الفكر الداعشي الإرهابي لضرب المنطقة بكل أطيافها ومكوناتها فإيران لا تفرق بين شيعي وسني في منطقتنا العربية طالما هذا الصراع يخدم المصلحة الفارسية.
وأكَّد اللواء الرويلي بقوله: إنني أعي ما أقول ومتأكَّد منه تمامًا بدليل تصريحات لسياسيين فارسيين منها ما جاء على لسان كثير من المسؤولين الإيرانيين البارزين وأهمهم قائد القوات البرية الإيرانية العميد أحمد رضا الذي هدد بضربة عسكرية للمملكة، وقال خلال تهديداته أنهم سيرسلون المفخخات إلى مدن المملكة وسيشجعون الحوثيين على قصف المدن الحدودية السعودية.
وقال اللواء الرويلي: هذه أدلة واضحة تدين تورط إيران بدعم هذه الفصائل المتطرفة في العالم العربي بأسلوب ونهج داعشي وبأدوات عربية مغرر بها شيعة وسنة، مشيرًا إلى أن المتورطين بالانضمام لـ «داعش» لا يعرفون من يقودهم، وإخلاصهم الزائد يجعلهم لا يفكرون بذلك.
من جانبه أكَّد الكاتب الصحفي الدكتور عبدالله بن ثاني قائلاً: إن الحديث عن واقع الإرهاب في منطقتنا اليوم لا بد أن نعرف حقيقة يجب ألا تغيب ونحن نستحضر حلول الواقع المرير للأمة الإسلامية ورسم المستقبل الزاهر لها ألا وهي أنه منذ مجيء الثورة الإيرانية في نهاية السبعينات الميلادية والمنطقة تفجرت من هذه الآفة وهذه الكارثة بسبب ما يسمى تصدير الثورة الذي أصبح سمة من سمات نظام الملالي وأدبيات ولاية الفقيه في جمهورية إيران بكل أسف، فتدخلوا على مدى عقود تحت هذه الذريعة في سيادة الدول العربية والإسلامية وشيطنوا الأقليات على حكوماتها ودعوا للتظاهرات والتخريب في المناسبات الإسلامية وفجروا واستباحوا كل محرم وكفروا بكل مقدس بعيدًا عن خدمة الإسلام والمسلمين.
مضيفًا أن الفرس أفسدوا بتسيس الدعوة، وأفسدوا كل جهود المسلمين الشرفاء في لم شتات الأمة وإصلاح ذات بينها وبخاصة أن الدستور الجمهوري الإيراني نص في ديباجته وبعض مواده كالمادة 154 على مصطلحات الكراهة والإقصاء والاعتداء وشرعنة التدخل في الشؤون الداخلية للدول من أجل تصدير الثورة واستعمال مصطلحات الاستعداء والتجريم وأخرى موهمة كالضعفاء والمظلومين مقابل الاستكبار والنكاية.
وبين الدكتور عبدالله بن ثاني أنه يجب علينا أن نكون واعين عربيًا وإسلاميًا وعالميًا بتجريم تصدير الثورة ابتداء لأنه لا يتعلق بالدعوة إلى الله وإنما استغل سياسيًا حاجة الشعوب للرغيف والدواء فسعى إلى خرابها وعاث فيها فسادًا كخطوة أولى لوقف مثل هذه التدخلات التي تخالف النظام العالمي المعزز للسلم والأمن العالميين.
وقال ابن ثاني إن الأخطر هو التعمية على شرفاء العالم من خلال تصريحات بعض السياسيين الإيرانيين وغيرهم بربط «داعش» بالمذهب السني وهذا غير صحيح والاختلاف بين أهل السنة والدواعش جلي في الأصول والأدلة المعتبرة والواقع والفتوى والرؤية وكل ذلك مثبت للعالم في أدبيات الخطاب السني المفترى عليه ولكن الكارثة الكبرى استغلال هذا الواقع ظلمًا وبهتانًا وتزويرًا بما يخدم تصدير الثورة والمصالح الإيرانية في التمدد والهيمنة والاستيلاء وبخاصة أن المعطيات على أرض الواقع تؤكد أن كل عمليات «داعش» في أهل السنة وقرى السنة وكل ضررها عليهم وهي بمنأى عن الأرض الإيرانية والمواطنين الإيرانيين تمامًا وفي المقابل أكَّدت تقارير من جهات رسمية أن المليشيات والفصائل المدعومة من إيران تقوم بما هو أنكى وأشد وأقسى.
من جانبه أكَّدت الباحث في الشأن السياسي والأمني تواصيف العنزي قائلة إن تنظيم داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي نشاهدها في العصر الحديث ما هم إلا خوارج هذا الزمان مما يوجد ترابط عقدي مشابهه تمامًا للخوارج الذين ظهروا في عصر الخلفاء الراشدين وعصر صدر الإسلام فكانت أول جريمة عظيمة انتهكت في حق الإسلام وأهله هو قتل الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد وهو يُكبّر للصلاة على يد أبو لؤلؤة المجوسي وهو من أسلاف الخوارج ويُعدّ من جذورهم، انظر إلى شناعة وبشاعة الجريمة قتل أحد المبشرين في الجنة وخليفة رسول الله!!
ثم بعد مقتل عمر رضي الله عنه قرر الخوارج أن يحدثوا فتنة بين المسلمين نتج عنها قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم علي رضي الله عنه وقتلوه وهو خارج من المسجد.
وأضافت تواصيف العنزي بقولها قيس على ذلك القرامطة الذين انتهكوا الكعبة المشرفة وما أحدثوه من فوضى وسفك بدماء المسلمين وسرقة للحجر الأسود وأيضًا زد على ذلك الحشاشين الذين اتخذوا من فارس منطلقًا لأفكارهم وبث سمومهم وقد أثبت التاريخ جرائمهم وانتهاكهم لحرمة المساجد والأشهر الحرم.
وبينت تواصيف أن السعودية دولة التوحيد تعرضت من الخوارج مثلما تعرض المسلمون الذين سبقونا بالإسلام، وبالنظر لتاريخ الإرهاب في السعودية نجد أن جيهمان قد حذا حذو الخوارج في انتهاك حرمة الكعبة المشرفة، فهم بالمعتقد يحذون حذو أسلافهم الذين سبقوهم في هذه الجرائم، وإن اختلفت الدواعي، أما ما حدث في القطيف والأحساء من قِبل تنظيم داعش، قبل عام أو أشهر معدودة هو مخطط لأحداث شق بين صفوف السنه والشيعة في السعودية واختراق وحدته ولكن هذه المخططات باءت بالفشل بفضل من الله ثم بجهود قادة الدولة ووعي الشعب السعودي ثم الجهاز الأمني الذي ضيّق على التنظيمات الإرهابية بشتى الطرق كان آخرها إحباط عمليات تفجير قبل وقوعها بصورة أبهرت المجتمع الدولي، مما دفع هذه التنظيمات الإرهابيه أن تعيد رسم الخطط من جديد وتقوم بتفجير مسجد الطوارئ في عسير رغبة لإخلال الأمن في نفوس المواطنين وترويعهم..
ومع كل فشل يحيكون مخططات توضح مدى هشاشتهم ومحدودية فكرهم!
وبآخر عملية استهدفت المسجد النبوي الشريف من وجهة نظرنا هو محاولة لإسقاط هيبة المملكة بصفتها حامية للحرمين ومهد الإسلام وللعروبة بعدما فشلت إيران من تسييس فريضة الحج في مكة المكرمة مستخدمة بذلك سلسلة من الحوادث والجرائم التي كان يقف وراءها الحجاج الإيرانيون على أرض مكة الطاهرة، منذ تولي الخميني السلطة 1979م - وهذا تكتيك داعش الذي يتقمص الدين زورًا لينفذ مخططات سياسية - فأدعو جميع الباحثين والقيادات أن يتأملوا هذه الحوادث ليفتشوا عن المستفيد الأول منها.