د.عبدالملك المالكي
اليوم نحن في المملكة العربية السعودية وطن السلام وطن العروبة والإسلام نقف وقفة رجل واحد في وجه «الإرهاب والإرهابيين» من دواعش وغيرهم من أرباب الفكر الضال، كلنا يد واحدة ساهرة على أمن ووحدة بلاد الحرمين الشريفين وقبلة العالم..!
ونذكرهم وغيرهم من الحاقدين الضالين المضلين أن لا مكان لكم بيننا ولم ولن تفسدوا فرحنا ولن تجدوا غير الثبور ونواقص الأمور فكلما زدتم في ضلالكم زدنا قوة وتماسكا ووحدة صف خلف قادتنا حفظهم الله أجمعين..
بل إن فرحنا بعيد الفطر الذي أردتم كسر شوكته الغاصة بها نحوركم الفاسدة من جحوركم الحالكة السواد.. لن يجد له مكان بيننا غير مزيد من الترابط والمواد والتراحم وإظهار البهجة بالعيد السعيد.
فما أجمل صفاء النفوس، وبهاء الأرواح، وجل المعاني الطاهرة التي تمرُ بطيف مخيلتنا مع ذِكر عبارات المعايدة على اختلاف مصفوفتها اللغوية.!
فالعيد الذي نلبس له الجديد؛ ونتبادل فيه عبارات المعايدة الجميلة حري بنا أن نُجمل فيه دواخلنا، ونطهر به نفوسنا من درن الشيطان الذي ينزغ بين الأخ وأخيه وبين الفرد والجماعة وبين مكون المجتمعات الإنسانية وركيزتها الأساسية «الأسرة» يحضنا فيه ديننا الحنيف على التسامح مع الآخرين من الداخل عبر النفس البشرية «الأمّارة بالسوء» قبل إظهار البهجة والسرور؛ ولبس الجديد.. فتعويد النفوس وتهذيبها وتطوير مكامن البهجة والفرح فيها على التسامح من أعماق القلوب هو الأمر الذي به ومن خلاله يُدرك من فتح الله عليه.. معنى العيد الحقيقي.
الدين الحنيف الذي لم يترك دستوره العظيم «القرآن الكريم» صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.. وفسرت محكم آياته الأحاديث الشريفة عبر سُنة الهادي الأمين سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين وسلم... عيدا المسلمين اللذان شرعهما الله جل شأنه لأمته عيدي الفطر والأضحى شرعهما الله تعالى لأمّة الإسلام، قال الله تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا} [الحج: 34]، روى ابن جرير في تفسيره عن ابن عبّاس قال: (منسكًا أي: عيدًا). أخرجه ابن جرير في تفسيره (17/198)، وعزاه السيوطي في الدر (6/47) لابن أبي حاتم.
جاء في السنة المحمدية عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ». «سنن أبي داوود».
ولعظم شريعة «العيد» وإظهار البهجة والسرور وقبلهما تطهير النفوس من مخلفات نزغات الشيطان وجب على كل ذي لب أن يتبصر ويبصر من يعول بمعان وجب اقترانها بفرحة العيد وبهجته حتى يترك العيد بمعناه الجميل بخصال تجمل فرحته وتترك أثره الطيب في النفوس عملاً لا قولاً.!
ومن تلك المعاني والخصال الجميلة: أن يجتهد المرء أن يصل والديه ببرهما أولاً، ثم يصل أقاربه، وأرحامه، وعامة المسلمين. فحق الوالدين مقدم على كل من سواهما ولا استقامة لوصل رحم أو قريب مع عقوق الوالدين أجارنا الله وإياكم من العقوق.
ثم المحافظة على صلاة في الجماعة، والطاعات والذكر، وقراءة القرآن كما كان المرء مجتهداً في شهر الطاعات.. فرب الشهور واحد ولا أدل على قبول الطاعات من استمرار أثرها بالعيد وسائر أيام العام.
الحرص على التصدق والإنفاق في أيام العيد وسائر الأيام، فالنظر للمحتاجين واستمرار أعمال البر هي من أجمل وأصدق مواطن تهذيب النفوس التي يحمل معناها العظيم.. العيد السعيد.
ثم التوسعة كل حسب قدرته على الأهل ومن يعول في غير إسراف أمر يقود بعمل محمود لممارسة اللهو المباح للصغار والكبار. فالعيد بهجة وإظهارها واجب ولاريب.
ثم لنوطن أنفسنا بأن نكثر من الدعاء لإخواننا المستضعفين من المسلمين فذاك من أسمى معاني المشاركة والمناصرة لإخوتنا في الدين والعروبة.
أما ما يكمل فرحة العيد الحقيقية فبرد الحقوق والمظالم إلى أهلها، أو استسماحهم وتطييب خواطرهم مقرونة بالعزم على التوبة من مظلمة الأخ لأخيه ومن تجاهل حق الآخرين علينا.
تلكم المعاني الجميلة ولا ريب تجعل نواة «المجتمع» الأسرة قائمة على ثوابت راسخة تنعكس إيجابا على المجتمع.. الذي متى ما تنبه أفراده لكل تلك المعاني الجميلة فلن نجد فينا ولا بيننا من يركن لفكر ضال أو لعمل إرهابي يقض أواصر المجتمع.. حينها فقط ندرك حقيقة «عاد عيدكم.. وكل عام وأنتم بخير.. وجل عبارات المعايدة التي قد نرددها دون إدراك معانيها السامية.. والله من وراء القصد.