أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالتواضع ولين الجانب والرفق بالمؤمنين فقال: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (215) سورة الشعراء، فكان صلى الله عليه وسلم سيد المتواضعين، والتواضع انكسار القلب لله تعالى، وخفض جناح الذل والرحمة بعباده. وأعظم التواضع هو التواضع لله تبارك وتعالى، وكان صلى الله عليه وسلم متواضعاً لربه منكسر القلب له إجلالاً وتعظيماً، عابداً له بما أمر به منتهياً عما نهى عنه وزجر، لا يرى لنفسه حقاً على ربه.
ومن تواضعه لربه أنه اختار أن يكون عبداً رسولاً على أن يكون ملكاً رسولاً، ونهى عن الغلو في إطرائه. ومن تواضعه عليه الصلاة والسلام ما كان عليه من زهد وتقلل من الدنيا في مطعمه ومشربه وملبسه ومسكنه وشأنه كله. ومن تواضعه لربه أنه سن للفاتحين المنتصرين سنة التواضع والشكر لله بعد نعمة النصر والتمكين فقد دخل مكة مطأطأ رأسه تواضعاً لله.
وكان صلى الله عليه وسلم متواضعاً لإخوانه من الأنبياء والمرسلين عارفاً بفضيلة كل واحد منهم، ونهى عن الانشغال بتفضيله عليهم فقال: (لا تخيروني على موسى) وقال صلى الله عليه وسلم: (لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى)، ولما قيل له: يا خير البرية. قال: ذاك إبراهيم. عليه وعليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم، كل ذلك تواضعاً منه، وإلّا فهو سيد ولد آدم ولا فخر كما أخبر عن نفسه صلى الله عليه وسلم.
المشرف على كرسي المهندس عبد المحسن الدريس للسيرة النبوية بجامعة الملك سعود