خالد بن حمد المالك
قتل صدام حسين، فجاء المالكي ثم العبادي ليحكما، فلم يتغير شيء في العراق إلا إلى الأسوأ، فإيران هي الآمر الناهي، والفساد المالي والسياسي والاجتماعي والأمني لا يُنافس فيه العراق، فأموال النفط تذهب إلى جيوب من أمسكوا بمقاليد السلطة، وسياسياً فالتبعية لإيران في كل شيء، وبذلك فقد أدار العراق ظهره للعرب، وتخلى عن انتمائه للعروبة، وأمنياً هو في حالة قتل وتدمير يومياً وفي كل مكان من أرض الرافدين، وفي الجانب الأمني أيضاً أصبح جزء من أراضي الدولة في قبضة داعش، وخارج نفوذ النظام الطائفي، فيما بقي كردستان خارج نطاق سيطرة حكومة بغداد، وكل هذا لأن الطائفية بمفهومها الضيق هي من توجه بوصلة مستقبل العراق بأوامر من ملالي إيران.
* *
والعراق بالحالة التي يمر بها الآن مرشح لتمزيقه إلى دويلات صغيرة، أو استمراره على الوضع الذي هو فيه، حيث التدخل الإيراني، وفشل النظام في السيطرة على حالة الفوضى، ورضاه بعدم وضع حد للتدخل الإيراني، وفضلاً عن ذلك الاستسلام المذل لما تمليه طهران من سياسات على النظام الطائفي القائم، وهو ما يعني أن العراق سيبقى دولة فاشلة ما بقي القائمون على إدارته أمثال المالكي أو العبادي ومن لف لفهما ممن يرون أن مستقبلهم إنما هو في الارتماء بحضن إيران، وليس باعتبار أن العراق هو البوابة الشرقية لأمتهم العربية التي كانت سنداً للعراق أمام أطماع إيران، وبخاصة في حربه على مدى ثماني سنوات إبان استيلاء الخميني ومريديه على مقدرات الأمور في إيران.
* *
لا شك أن للولايات المتحدة الأمريكية ولرئيسها السابق دبليو بوش دوراً ويَداً فيما وصل إليه العراق من ضياع وتردٍّ ومستقبل غامض، حينما أوكل لسيئ الذكر (ابرايمر) مهمة تنظيم الأوضاع في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين على أيدي قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، فكان أن حل الجيش العراقي وطارد قياداته كأول تنظيم فاشل للدولة ما بعد صدام، ليكمل هذا التخبط بوضع نظام حكم يكرّس الطائفية، ويمنح الشيعة الموالين لإيران الحق في حكم البلاد، متيحاً بذلك فرصاً واسعة لهيمنة إيران على القرار في بغداد، فكان أن حكم العراق أولئك الذين جاءوا على ظهر دبابة إلى العراق، وممن تتناغم مواقفهم وسياساتهم مع توجهات ملالي إيران المشبوهة.
* *
لهذا لا عجب أن ينكّل الحشد الشيعي العراقي الموالي لإيران والحرس الثوري الإيراني بأحرار العراق من السنة تحديداً، وأن تتواصل التفجيرات، وأن تسقط مدن عراقية في أيدي داعش وغيرها، وأن ينتشر الفساد، وتتفشى الكراهية والأحقاد بين المواطنين، وأن يعمّ الفقر والجوع والمرض أفراد الشعب، وأن تستمر الهجرة إلى الديار البعيدة؛ بحثاً عن الأمن والاستقرار والتعليم والحياة الحرة الكريمة التي لا يجدونها في دولتهم، ولا تستغرب فيما لو تمنوا أن يعود صدام من قبره رغم دمويته وظلمه وفاشيته وجريمته في احتلال الكويت ليحكم البلاد، بعد أن رأوا هذا الذل والقهر والقتل والتعذيب والانتهاكات غير الإنسانية لهم في دولة فاشلة اسمها العراق.